إن الفرق بين الأرش بالمعنى الذي لا يتعين بعين الثمن وبالمعنى المتعين بعين الثمن هو الفرق بين الماهية لا بشرط والماهية بشرط شئ، واستحقاق المشتري على البائع للتغريم بما لا تعين له معلوم، واستحقاقه للتغريم بما له تعين مشكوك، والأصل عدم استحقاقه إياه، وهو المراد مما [ذكر] (1) في المتن من أصالة عدم تسلط المشتري على شئ من الثمن، فما يقطع باستحقاق المشتري إياه يقطع بسقوطه بدفع الغرامة من غير المسمى، وما يشك في سقوطه به واقعا لا قطع بثبوته حتى يجب الفراغ عنه جزما.
وأما التعليل الذي ذكره المصنف (قدس سره) بقوله (لأن المتيقن من مخالفة الأصل... الخ) فهو إنما يجدي لعدم عود بعض الثمن بالانفساخ، لما فرضه من عدم مقابلة الوصف بشئ من الثمن، والكلام هنا في استحقاق استرجاع بعض الثمن تغريما لا انفساخا، بل مقتضى الاعتبار في مرحلة التغريم استحقاق استرداد ما بذله بملاحظة الوصف، لا استرداد ما يساوي لما بذله، فلا حاجة إلى التعليل بالوجه المسطور، ويكفي الأصل على الوجه المذكور.
نعم بناء على تعين ما يساوي بعض الثمن في النقدين، لتمحضهما في المالية - كما سيجئ (2) إن شاء الله تعالى - ربما أمكن التفصيل بين ما إذا كان ثمن المعيب من النقدين أو من غيرهما، فإنه على الأول يدور الأمر بين استحقاق التغريم بمطلق المالية المنفية في النقدين، أو استحقاق التغريم بمالية النقد الخاص المجعول ثمنا كما مر، بخلاف الأمر على الثاني فإن الأمر يدور بين استحقاق التغريم بمقدار من المالية المتعينة في النقدين أو التغريم بالمالية المتعينة في الحنطة، وهما متبائنان، فالأصل متعارض بمثله في الثاني دون الأول.
بل التحقيق: أن وجه الرجوع إلى أصالة عدم تسلط المشتري ليس ما قربناه آنفا، لأن الماهية المبهمة لا حكم لها، والماهية اللا بشرط القسمي - أي الماهية الملحوظة