تحريما أو تنزيها عن بيع ما لم يقبض بعنوانه، وظاهر أكثر الروايات دوران الحكم مدار عنوان الكيل والوزن، أو ظاهر هذه الطائفة بأجمعها هو الكيل والوزن في مرحلة الوفاء، لا الكيل والوزن المصحح للبيع الأول، ولا الكيل والوزن المصحح للبيع الثاني، ولا يكون ذلك إلا في فرض بيع المكيل والموزون كليا مقدرا بأحدهما، فالكيل والوزن المسؤول عنهما بقوله (قبل أن اكتاله) والجواب بقوله (عليه السلام) (حتى تكيله أو تزنه) (1) لا موقع لهما إلا مرحلة الوفاء، ولا ينبغي أن يراد منه الكيل المجدد والوزن كذلك في ما كيل أو وزن، لإباء قوله (قبل أن أكتاله) ومنافاة قوله (عليه السلام) (حتى تكيله) مع وقوع الكيل منه سابقا.
ولا ينبغي حمله على ما احتمله صاحب الجواهر (قدس سره) من إرادة الكيل والوزن في البيع الثاني في قبال الاكتفاء بالاخبار، فإنه مخصوص بما إذا أخذه اعتمادا على اخبار البائع الأول لا مطلقا، والروايات مطلقة من هذه الجهة، ويشهد لجميع ما ذكرنا رواية الكرخي (قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) اشتري الطعام إلى أجل مسمى فيطلبه التجار بعد ما اشتريته قبل أن أقبضه؟ قال: لا بأس أن تبيع إلى أجل كما اشتريت، وليس لك أن تدفع قبل أن تقبض، قلت: فإذا قبضته - جعلت فداك - فلي أن أدفعه بكيله؟ قال: لا بأس بذلك إذا رضوا) (2).
فإن المراد من القبض إن كان أخذ المبيع الشخصي كان دفعه مسبوقا بقبضه، فلا معنى للنهي عن دفعه قبل قبضه، بخلاف ما إذا كان المبيع كليا وأريد من قبضه كيله وفاء، فإن مفاده دفعه قبل كيله، فإن دفعه حينئذ قبل كيله لا يكون إلا بقبضه جزافا، وهو كالبيع مجازفة بلا أثر.
ثم إن قوله (فلي أن أدفعه بكيله... الخ) سؤال آخر مرتب على السؤال، والجواب المذكورين في جميع الروايات، فيعلم منه أن مفاد السؤال والجواب العام لا دخل له بعدم الاعتماد على الاخبار.