ومن هذا البيان تعرف أن مفاد هذه الطائفة هو المنع قبل الكيل وفاء، ومورده الكلي، فلا دلالة لها على المنع في المبيع الشخصي، وحيث إن مساق الطائفة الأولى مساق الثانية فيعلم أن المراد بالقبض المذكور في السؤال والجواب هو الكيل والوزن في مورد الوفاء، ويشهد له وقوع السؤال عن القبض والجواب بالكيل والوزن كما في صحيحة معاوية بن وهب قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه؟ فقال: ما لم يكن كيل أو وزن فلا تبعه حتى تكيله أو تزنه) (1) فيعلم أن المراد من القبض هو كيله أو وزنه.
والتحقيق: أن القبض الذي جعل مقسما لما يكال ولما لا يكال فاعتبر في الأول دون الثاني لا يمكن أن يكون بمعنى الكيل والوزن، بل بمعنى جامع يجامع الكيل والوزن، إذ من الواضح أن الكيل الوفائي لا يكون عادة إلا في مقام التسليم والتسلم، والسر في التعبير عنه في المكيل والموزون بالكيل والوزن الغير المنفكين عنه عادة التنبيه على أن القبض الصحيح في مقام الوفاء لا بد من أن لا يكون جزافا، حيث فرض صحة البيع بتقدير الكيل والوزن فكذا القبض لا بد من أن يكون بهما، فإنه كما لا يصح البيع مجازفة كليا كان المبيع أو شخصيا كذلك لا يصح القبض مجازفة إذا صح البيع بالتقدير المخصوص بالكلي، وعليه فحيث إن المقسم عام والعبرة بالقبض بما هو قبض فلا محالة يسري المنع بأي وجه كان إلى الشخصي، وإن كان مورد السؤال والجواب كليا، فتدبره فإنه حقيق به.
ومنها: أن الأخبار الواردة في المكيل والموزون طوائف ثلاث:
الأولى: ما يدل على المنع عن بيع ما لم يقبض مطلقا.
الثانية: جوازه مطلقا.
الثالثة: التفصيل بين بيع التولية فيجوز وما عداه فلا يجوز.
وكما أن هذه الطائفة الثالثة مقيدة للأولى كذلك مقيدة للثانية، وعليه فقوله (عليه السلام) (لا بأس) وإن كان نصا في الجواز (وفيه بأس، أو لا تبع) ظاهرا في الحرمة ومقتضى