ومجموع ما يمكن الاستشهاد به للوجوب أمور:
أحدها: ظهور نفس الجملة الخبرية الواردة مورد الانشاء على نحو الكناية، بتقريب:
أن الاخبار بالوقوع لا أنه يناسب إرادة الوقوع فقط ليلائم الاستحباب أيضا، بل تتعين الإرادة الحتمية، فإن البعث الذي لا ينفك عنه المبعوث هو اللزومي، وأما غيره فربما يكون وربما لا يكون، ولذا قيل إن الجملة الخبرية أبلغ وأظهر من الصيغة.
ثانيها: ورود سنخ هذه القضية مستدلا بها للأمر بالوفاء كقوله (عليه السلام): (من شرط لامرأته شرطا فليف لها به، فإن المسلمين عند شروطهم) (1)، وكقوله (عليه السلام) (فقل له فليتم للمرأة شرطها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: المسلمون عند شروطهم) (2) ومورده شرط الفعل كما يظهر بالمراجعة، وعنوان الوفاء والاتمام - الذي هو معنى الوفاء لغة - غير عنوان أداء ما يستحقه الغير، ليقال كما عن شيخنا الأستاذ (قدس سره) (3) أن نفوذ الشرط يوجب ثبوت الحق، وأداء الحق عند مطالبته واجب، ليكون مرجع الخبرين إلى وجوب الأداء لنفوذ الشرط بقوله (عليه السلام) (المؤمنون أو المسلمون عند شروطهم)، مضافا إلى ما مر من عدم مناسبة مفاد القضية للنفوذ والصحة.
ثالثها: جعل المؤمن موضوعا للقضية، لا من حيث إن الايمان واجب فالعمل بالشرط واجب، فإنه إنما يستفاد إذا قيل الوفاء من الايمان، بل من حيث إن مفهوم قوله " المؤمن عند شرطه " أن من لا يكون عند شرطه لا يكون مؤمنا، ولا يكون كذلك إلا إذا كان عاصيا وتاركا للواجب حتى يستحق الحكم بعدم ايمانه مبالغة.
رابعها: ما في بعض الروايات (المؤمنون عند شروطهم إلا من عصى الله) (4) فإرادة العصيان في العمل بالشرط لا العصيان في الاشتراط، فيكون استثناءا من المشروط عليه الذي تكليفه الوفاء وكونه عند شرطه، لا من الشارط سواء كان هو المشروط عليه بالتزامه أو المشروط له بالزامه، وظاهر العصيان هو المخالفة للتكليف لا مخالفة