والايجاب لا يعقل تعلقها إلا بالفعل، وإن كان بمعنى الالزام والالتزام الوضعي دون التكليفي فلا اختصاص له بالفعل، والظاهر هو الثاني، فإن الالزام بمعنى الايجاب معنى اصطلاحي، وإلا فمفهومه جعل الشئ لازما وقرينا لا ينفك عنه، والمبدأ وهو اللزوم بهذا المعنى، والالزام بمعنى الايجاب، بمناسبة جعل الشارع للعمل على رقبة العبد ولازما لا ينفك عنه إلا بأدائه، وعليه فالالتزام ومطاوعة لزوم شئ لا اختصاص له بالعمل، بل يعم شرط النتيجة.
فإن قلت: الالتزام بشئ والتعهد به إما أن يتعلق بعمل فمعناه أن العمل في عهدته وهو المرجع للمطالبة منه، وإما أن يتعلق بعين مال فمعناه أن المال في عهدته، فإن كان كليا ملكه في ذمته، وإن كان شخصيا فيكون مرجعا لمطالبته وتداركه إذا لم يتمكن من أدائه، وليس شئ من ذلك في التعهد بالنتيجة، فإنه على فرض حصولها به لا مورد لمطالبته منه، كما لا معنى لتملكه عليه ولا لتداركه ببدله، فلا معنى لأصل التعهد بالنتيجة حتى يؤثر في حصولها.
قلت: معنى الالتزام بالنتيجة كما مر (1) سابقا هو القرار على أن يكون المال الكذائي ملكا للمشروط له على نحو لا ينفك عنه من حيث القيام به وبمقتضاه، وبهذا الاعتبار تكون العقود عهودا والتزامات، فإنها من حيث كونها قرارا وجعلا عهد، ومن حيث كونها بحيث لا ينفك الجاعل عنها التزام.
فإن قلت: مقتضى مطابقة الوجود الانشائي - الذي هو بمنزلة السبب - والوجود الحقيقي - الذي هو بمنزلة المسبب - عدم حصول الملكية مثلا بالالتزام بها، مثلا " بعت " الانشائي سبب يتسبب به إلى البيع الحقيقي بالحمل الشائع، وهما متطابقان مفهوما، ومقتضاه أن يكون الالتزام الانشائي بقوله " شرطت أن يكون كذا ملكا " سببا لحصول الالتزام بالحمل الشائع بذلك المضمون، وصيرورة الملتزم انشاء ملتزما حقيقة في اعتبار الشارع، وهو أجنبي عن حصول الملكية به.
قلت: مضامين العقود الانشائية في مقام تأثيرها مختلفة، فتارة يكون بمدلولها