عرفت حقيقتها إلا تسليط فعلي خارجي على العين المستأجرة من دون استنابة للحفظ، لا من المالك ولا من الشارع.
ثانيهما: التأمين بالمعنى الأعم، وكون اليد يد أمانة، لكونها باثبات المالك عن رضاه، وباثبات الشارع لها على المال لاستيفاء ما يستحقه المستأجر من المنافع، ومن الواضح أن الاستيلاء على المال بإذن المالك أو بإذن الشارع هو لازم الإجارة، إلا أن تعنونه بعنوان الائتمان حتى ينافي الضمان، لما مر من أن المالك ومن بمنزلته لا يكون ضامنا لما بيده مما يحتاج إلى دليل يدل عليه، وغاية ما يدل عليه ما ورد من أن المستعير مؤتمن وأن صاحب البضاعة مؤتمن (1) مع أنه ليس فيهما إلا الاستيلاء على المال بإذن المالك.
وأما ما ورد من عنوان الأمين والمأمون وتعليق عدم الضمان عليهما ففيه محذور من وجهين:
الأول: أن قوله (عليه السلام): (لا غرم على مستعير عارية إذا كان مأمونا) (2) يدل بمقتضى الشرطية أن يد المستعير ليس بقول مطلق يد أمانة، فليس حاله حال قوله (عليه السلام) (المستعير مؤتمن) (3) من الحكم على المستعير بأنه مؤتمن بقول مطلق.
والثاني: أن ما دل على أنه لا غرم إذا كان مأمونا أو إذا كان أمينا كقوله (عليه السلام) (لا غرم إذا كان مسلما عدلا) (4) وكل هذه العناوين تناسب توهم التعدي والتفريط، فإن الأمين والمأمون والمسلم العدل لا ينبغي أن يتهم بالتعدي والتفريط، دون الضمان بالتلف الذي يستوي البر والفاجر والمأمون وغير المأمون فيه، وهذا هو محل البحث.
وأما استفادة الائتمان المنافي للضمان من مثل قوله (عليه السلام) (المستعير مؤتمن) بضميمة ما مر من أنه ليس في العارية إلا السلطنة على المال برضا صاحبه فمشكلة