نفيا واثباتا، فحالها من حيث ضمان العين حال غيرها، فهي لا اقتضاء بالإضافة إلى ضمان العين وعدمه.
وإن كانت بالمعنى الثاني كما هو مقتضى تعدي مفهومها إلى العين دون المنفعة، ولذا لا يصح " آجرت منفعة الدار " إلا أن مرجعه إلى المقابلة بين المنفعة والأجرة، فإن عنوان الأجرة في قبال الثمن، وكما لا يقع الثمن إلا في مقابلة العين كذلك لا تقع الأجرة إلا في قبال عمل أو منفعة عين، فمقتضى الإجارة جعل المنفعة في مقابلة الأجرة بعنوان اعطاء العين بالأجرة، فليس في الواقع اعطاء العين، فهي أيضا لا اقتضاء من حيث ضمان العين وعدمه.
وإن كانت بالمعنى الثالث فربما أمكن توهم اقتضاء عدم الضمان، نظرا إلى مالك العين في مدة يستحيل أن يكون ضامنا لما له لنفسه أو لغيره، فالإجارة حينئذ مقتضية لعدم ضمان المستأجر عقلا، إلا أنه لا ريب في أن حقيقة الإجارة ليست تمليك العين في مدة بنفسها، بل كما يقول به من يسلك هذا المسلك أنها تمليك العين في جهة من جهاتها، فمرجعها إلى ملك الجهة، وتوصيف العين بالملكية من باب الوصف بحال متعلقه، وإلا فلو أراد تمليك العين المتحيثة بهذه الحيثية لزم ورود الملكين الاستقلاليين على عين واحدة، وإن اختلفت العين المملوكة من حيث الاطلاق والتقييد بالجهات، ولا أظن أن يلتزم أحد بانقطاع ملكية المؤجر بتاتا في هذه المدة، مع أنه مما تسالم عليه الكل جواز بيع العين وهبتها وسائر التصرفات الناقلة لها، وعليه فحال هذا الوجه حال الوجهين المتقدمين من حيث اللااقتضائية.
وأما إن كان المراد المنافاة بالمعنى الثاني فلا مقتضي لعدم الضمان إلا الائتمان المنافي للضمان فنقول: التأمين على قسمين:
أحدهما: التأمين بالمعنى الأخص، وهو استنابة الغير لحفظ المال، وهو تارة تأمين مالكي كما في الوديعة، وأخرى تأمين شرعي كما في الولي الشرعي المسلط شرعا على مال القصر لحفظه ورعاية حاله، ومن الواضح أن التأمين الحقيقي بهذا المعنى ليس لازما لحقيقة الإجارة، لا مالكيا ولا شرعيا، بداهة أنه ليس بعد عقد الإجارة التي