التصرف الثابتة بالعقد فنقول:
أما شرط عدم المقوم كما إذا شرط عدم الثمن في البيع فتارة يكون المنافي مقصودا في عرض قصد البيع مثلا، وحيث إن قصد المتنافيين جدا من العاقل الشاعر محال فلا يعقل تحقق البيع والشرط معا، وأخرى يقصد المنافي بعد قصد ما ينافيه، بأن قصد البيع حقيقة أولا ثم بدا له أن يعقبه بعدم العوض له، وهو على قسمين إما مع البقاء على ما قصده أولا، وإما مع رفع اليد عنه حيث إن أمر الايجاب قبل تمامية العقد بيده، فإن كان مع البقاء على قصده فنفس قصد المنافي محال، لأن المنافي لا يقع بعد وقوع ما ينافيه، فقصده بعد قصد ما ينافيه محال، فلا يعقل تحقق الشرط، وأما العقد فلا مانع منه عقلا ولا نقلا.
وإن كان مع رفع اليد عن الايجاب فهو أيضا على طورين: فتارة برفع اليد عن الايجاب كلية فالشرط لغو، إذ لا معنى للالتزام بعدم العوض مع أنه لا شئ حتى يكون له عوض أو بلا عوض، وأخرى برفع اليد عن خصوصية الايجاب وحيثية العوضية فقط فهو وإن قصد التمليك بعوض إلا أنه رفع اليد عن خصوص العوضية وأتمه تمليكا بلا عوض، فكان بيعا حدوثا وهبة بقاء وتتميما، وليس فيه استحالة، إنما المحذور في انعقاده هبة شرعا بعد حدوثه بيعا، وفي انعقاد الهبة بالألفاظ المجازية، وهو قوله " بعت " مريدا به الهبة إما ابتداء أو في الأثناء، هذا كله بالإضافة إلى الملتفت إلى الاستحالة.
وأما الغافل عن وجوه الاستحالة فإذا قصد المتنافيين في عرض واحد ففرض التنافي فرض استحالة وقوعهما وإن تمشي منه القصد لغفلة الموجب، وإذا قصد المنافي بعد وقوع المنافي فالقصد وإن لم يكن مستحيلا إلا أن استحالة وقوع المنافي بعد وقوع منافيه تابعة للواقع، وحيث إنه غافل عن الاستحالة فلا موقع لفرض رفع اليد عن الايجاب كلية أو من جهة خاصة إلا بنوع من الاتفاق، وعليه فحكمه ما قدمناه.
هذا هو الذي ينبغي أن يقال في هذا المجال، وللأصحاب (رضوان الله عليهم)