فإنهما مباحان قبل العقد على المرأة المشروط لها فيكون شرط تركهما محرما للحلال، وأخرى لا يكون مباحا للشارط إلا بالعقد فإذا كان العقد متضمنا لشرط تركه لم يثبت حلال حتى يكون محرما بالشرط، بل في الحقيقة وقع ما هو غير حلال بالعقد فعلا، كاشتراط عدم اخراج الزوجة من البلد، فإن اخراجها من البلد قبل عقد الزواج لم يكن حلالا للزوج ولا له سلطان عليها، وإنما يحل له اخراجها بالعقد ويكون له السلطان عليها به، فإذا انعقد العقد مشروطا بعدم الاخراج لم يثبت سلطنة له على الاخراج، ولا حل له بعقده اخراج حتى يحرمه شئ.
وكذا البيع بشرط أن لا يبيع ولا يهب كما وردت النصوص به في الجارية المبيعة المشترط على المشتري عدم بيعها وهبتها فإن جوازهما إنما هو بالعقد لا قبله، ومع العقد المشروط لا جواز ولا سلطنة حتى يكون الشرط رافعا لهما، بل دافع عن تحققهما، وأين هو من تحريم الحلال؟! وكذا شرط عدم الوطئ في ضمن عقد المتعة أو مطلقا، فإن جوازه وسلطنة الزوج على هذا الانتفاع الخاص بالعقد لا قبله، فلم يتحقق له بالعقد المشروط إلا سلطنة مقصورة على سائر التصرفات.
وأما ما أورده عليه الفاضل النراقي (قدس سره) في عوائده (بأنه يوجب التفرقة بين اشتراط سكنى البائع في دار باعها في مدة معينة وبين اشتراط سكناه في دار أخرى للمشتري غير تلك الدار في تلك المدة، وجواز الأول وعدم جواز الثاني وهو ليس كذلك، وكذا الفرق بين اشتراط عدم الانتفاع مدة بالمبيع وبين عدم الانتفاع بغيره مما هو من مال البائع أو المشتري ولا وجه له) (1) انتهى.
ففيه: أما شرط السكنى فقد عرفت حال شرط سكنى الدار المبيعة، وأما شرط سكنى دار أخرى للمشتري فليس من تحريم الحلال أيضا، لأن مرجعه إلى شرط النتيجة وهي ملكية منفعة تلك الدار بالشرط، وحرمة السكنى على المالك من جهة خروجه عن ملكه بالشرط، ولا منافاة بين حلية التصرف في الملك وحرمة التصرف في غيره، فالشرط غير محرم للحلال على المشتري، بل مخرج له عن موضوعه.