وأما توهم أن الاطلاق يجامع الحكم الطبعي الاقتضائي، فيصح أن يقال إن الخمر حرام في نفسه حتى مع الاضطرار، فهو مدفوع بأن الحكم الاقتضائي في فرض طرو العنوان ليس من مقولة الحكم الحقيقي، لاستحالة اجتماع حكمين فعليين ولو طوليين، بل كما عرفت ثبوته عرضي يتبع ثبوت المقتضي، والاطلاق يجامع ثبوت المقتضي فيكون الانشاء مسوقا للارشاد إلى ثبوت الملاك والمقتضي في جميع الحالات، وهو كما عرفت خلاف الظاهر، فما يمكن فيه الاطلاق لا دخل له بمقولة الحكم، وما هو من مقولة الحكم لا يعقل أن يكون له اطلاق، لأن موضوعه على الفرض هي الماهية بشرط لا، وأما إذا لم يكن هناك اطلاق فكما لا دليل على الحكم الطبعي كذلك لا دليل على الحكم التام الحكمية، فتصل النوبة إلى الأصول العملية كما سيجئ (1) إن شاء الله تعالى، هذا حكم الأحكام الطلبية.
وأما الإباحة فكما أن موضوعها الواقعي يستحيل أن يلاحظ لا بشرط كذلك يستحيل أن يكون دليلها في مقام الاثبات مطلقا من حيث طرو أي عنوان اقتضائي، بل حيثية كون الإباحة حكم الموضوع قرينة قطعية على أن موضوعها بشرط لا، فيستحيل أن يعارض دليلا اثباتا، كما يستحيل أن يزاحم مقتضيا ثبوتا، وأما الموارد التي حكم الشارع بعدم نفوذ الشرط فيها مع أن حكمها الإباحة كعدم التسري وعدم التزويج ثانيا فلا بد من توجيهها بوجوه سيأتي الإشارة إليها، فتدبر جيدا.
والتحقيق: أن الكلية التي ذكرها المصنف (قدس سره) ونحن أوضحناها بأحسن تقريب ثبوتا واثباتا وإن كانت صحيحة في نفسها لكنها أجنبية عما نحن فيه، بمعنى أن نفوذ الشرط تارة وعدمه أخرى لا يدور مدارها، وتوضيح المقام: أن متعلق الشرط إما أن يكون من الأحكام الخمسة التكليفية، وإما أن يكون من الاعتبارات الوضعية الشرعية، وإما أن يكون من الأعمال فعلا أو تركا.
وإن كان من الأحكام التكليفية كإشتراط وجوب شئ أو حرمته شرعا مثلا فلا يعقل، لأن الأحكام التكليفية من المجعولات الشرعية التي مبادئها بيده وتحت