على لهيب المشاعل، يوسوس لنفسه، ويهتف بالعصبة التي تؤازره على هجم الدار:
والذي نفس عمر بيده، ليخرجن أو لأحرقنها على من فيها..!
قالت له طائفة خافت الله، ورعت الرسول في عقبه:
يا أبا حفص! إن فيها فاطمة..!
فصاح لا يبالي: وإن..!
واقترب وقرع الباب، ثم ضربه واقتحمه.. وبدا له علي.. ورن حينذاك صوت الزهراء (عليها السلام) عند مدخل الدار..
فإن هي إلا رنة استغاثة أطلقتها " يا أبت رسول الله!.. " تستعدي بها الراقد بقربها في رضوان ربه على عسف صاحبه، حتى تبدل العاتي المدل غير إهابه، فتبدد على الأثر جبروته، وذات عنفه وعنفوانه، وود من خزي لو يخر صعقا تبتلعه مواطئ قدميه ارتداد هدبه إليه..
وعندما نكص الجمع، وراح يفر كنوافر الضباء المفزوعة أمام صيحة الزهراء (عليها السلام)، كان علي (عليه السلام) يقلب عينيه من حسرة وقد غاض حلمه، وثقل همه، وتقبضت أصابع يمينه على مقبض سيفه تهم من غيظه أن تغوض فيه.. (1).
[] وقال في كتابه الآخر: ثم تطالعنا صحائف ما أورده المؤرخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لا نعدم أن نجد من بينها من عنف عمر ما يصل به إلى الشروع في قتل علي أو إحراق بيته على من فيه..
فلقد ذكر أن أبا بكر أرسل عمر بن الخطاب ومعه جماعة بالنار والحطب إلى دار علي وفاطمة والحسن والحسين ليحرقوه بسبب الامتناع عن بيعته.