يلقى السيف!.. ثم تحدث غير هؤلاء وهؤلاء بأن النار هي الوسيلة المثلى إلى حفظ الوحدة وإلى الرضا والإقرار!.. وهل على ألسنة الناس عقال يمنعها أن تروي قصة حطب أمر به ابن الخطاب فأحاط بدار فاطمة، وفيها علي وصحبه، ليكون عدة الإقناع أو عدة الإيقاع؟..
على أن هذه الأحاديث جميعها ومعها الخطط المدبرة أو المرتجلة كانت كمثل الزبد، أسرع إلى ذهاب ومعها دفعة ابن الخطاب!.. أقبل الرجل، محنقا مندلع الثورة على دار علي وقد ظاهره معاونوه ومن جاء بهم فاقتحموها أو أوشكوا على اقتحام، فإذا وجه كوجه رسول الله يبدو بالباب حائلا من حزن، على قسماته خطوط آلام، وفي عينيه لمعات دمع، وفوق جبينه عبسة غضب فائر.. وحنق ثائر..
وتوقف عمر من خشية.. وراحت دفعته شعاعا. وتوقف خلفه - أمام الباب - صحبه الذين جاء بهم، إذ رأوا حيالهم صورة الرسول تطالعهم من خلال وجه حبيبته الزهراء، وغضوا الأبصار من خزي أو من استحياء، ثم ولت عنهم عزمات القلوب وهم يشهدون فاطمة تتحرك كالخيال، وئيدا وئيدا بخطوات المحزونة الثكلى، فتقترب من ناحية قبر أبيها... وشخصت منهم الأنظار وأرهفت الأسماع إليها، وهي ترفع صوتها الرقيق الحزين النبرات تهتف بمحمد الثاوي بقربها، تناديه باكية مريرة البكاء:
" يا أبت رسول الله!.. يا أبت رسول الله!.. " فكأنما زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النداء...
وراحت الزهراء، وهي تستقبل المثوى الطاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر:
" يا أبت رسول الله!.. ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن