فكيف يبقى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميتا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء لا يعلم به أبو بكر.. وبينهما غلوة ثلاثة أسهم؟
وكيف يبقى طريحا بين أهله ثلاثة أيام لا يجترئ أحد منهم أن يكشف عن وجهه وفيهم علي بن أبي طالب وهو روحه بين جنبيه والعباس عمه القائم مقام أبيه، وابنا فاطمة وهما كولديه، وفيهم فاطمة بضعة منه، أفما كان في هؤلاء من يكشف عن وجهه.. ولا من يفكر في جهازه؟
أنا لا أصدق ذلك ولا يسكن قلبي إليه..! والصحيح أن دخول أبي بكر إليه وكشفه عن وجهه وقوله ما قال إنما كان بعد الفراغ من البيعة، وأنهم كانوا مشتغلين بها كما ذكر في الرواية الأخرى.
وبقي الإشكال في قعود علي (عليه السلام) عن تجهيزه، إذا كان أولئك مشتغلين بالبيعة، فما الذي شغله هو، فأقول: يغلب على ظني - إن صح ذلك - أن يكون قد فعله شناعة على أبي بكر وأصحابه، حيث فاته الأمر واستؤثر عليه به، فأراد أن يتركه (صلى الله عليه وآله وسلم) بحاله لا يحدث في جهازه أمرا، ليثبت عند الناس أن الدنيا شغلتهم عن نبيهم ثلاثة أيام.. حتى آل أمره إلى ما ترون..!
وقد كان (عليه السلام) يتطلب الحيلة في تهجين أمر أبي بكر - حيث وقع في السقيفة ما وقع - بكل طريق، ويتعلق بأدنى سبب من أمور كان يعتمدها، وأقوال كان يقولها، فلعله هذا من جملة ذلك.
أو لعله - إن صح ذلك - فإنما تركه (صلى الله عليه وآله) بوصية منه إليه وسر كانا يعلمانه في ذلك.. (1).
[] وقال أيضا: واعلم أنا إنما نذكر في هذا الفصل ما رواه رجال الحديث وثقاتهم، وما أودعه أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه - وهو من