الثانية: إن فدكا لم تكن فيئا للمسلمين عامة، بل كانت خاصة لرسول الله يفعل بها ما يشاء. ففي سيرة ابن هشام: 3 / 801: " وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهلكة، سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم، ففعل. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها: الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنين. فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم، وأن يحقن دماءهم، ويخلوا له الأموال، ففعل. وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود، أخو بنى حارثة. فما نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئا بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب ".
وفي نفس المصدر ص 814: قال ابن إسحاق: " فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك حين بلغهم ما أوقع الله بأهل خيبر، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف، أو بعد ما قدم المدينة، فقبل ذلك منهم، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ". انتهى.