الزملاء الكرام: عبد الله الحوت ومحمد إبراهيم... سأبدأ ردي بمقدمة، ثم سأقسم ردي إلى ثلاثة أقسام، فقسم منه يعم أسئلتكما والنقاط المشتركة بين كلامكما، والقسمان الآخران سيكون خاصا بما أثاره كل واحد منكما على انفراد، مع اعتذاري مسبقا عن التأخر في الرد الذي أضحى من سماتي السلبية! وحسب عادتي في تقسيم الردود الطويلة فإنني سأنزله من خلال عدة ردود، فأقول وبالله التوفيق:
أما المقدمة التوطئة فهي عبارة عن نقطتين: الأولى: إن مطالبة الزهراء (ع) لحقها في فدك كانت على ثلاثة مراحل، وعندما كان الخليفة أبو بكر يرفض دعواها في المرحلة الأولى فإنها كانت تنتقل إلى المرحلة التي بعدها، وهذا أسلوب شائع في المطالبة بالحق. يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة: 16 / 230: " واعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين: الميراث والنحلة، وقد وجدت في الحديث أنها نازعت في أمر ثالث ومنعها أبو بكر إياه، وهو سهم ذوي القربى ".
وتقريبا للفكرة، لو أن الأب خص أحد ابنيه بأحد أملاكه قبل الوفاة، ثم بعد وفاته استولى أخوه على هذا الملك وتصرف فيه تصرف الملاك، فإن الابن الموهوب إليه سيسعى إلى إثبات أحقيته في الملك، وإذا رفض القاضي دعواه فإنه سينتقل إلى المطالبة بحقه كشريك في الإرث، ومطالبته بالإرث لا تعني منه إقرارا بأن الملك ليس له، ولكنه محاولة لاستنقاذ أي حق له في هذا المال. والغرض من إثارة هذه النقطة هو دفع توهم قد يعلق ببعض الأذهان من أن الزهراء (ع) إذا كانت تعتقد أن فدك قد نحلها النبي (ص) في حياته، فلم طالبت به من باب الإرث بعد وفاته.