الله عز وجل يقول لنبيه داود عليه السلام: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) وقال تعالى: (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون).
وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال: لو ضاعت سخلة بشاطئ الفرات لتخوفت أن يسألني الله عنها، وأيم الله إن المسؤول عن خاصة نفسه على عمله فيما بين الله وبينه ليعرض أمر كبير على خطر عظيم، فكيف بالمسؤول عن رعاية الأمة، وبالله الثقة، وإليه المفزع والرغبة في التوفيق والعصمة والتسديد والهداية إلى ما فيه ثبوت الحجة، والفوز من الله، والرضوان والرحمة، وانظر الأئمة لنفسه وأنصحهم لله في دينه وعباده، وخلافته في أرضه من عمل بطاعته ودينه وسنة نبيه عليه السلام في مدة أيامه وبعدها، فأجهد رأيه ونظره ليمن يوليه عهده، ويختار لإمارة المسلمين ورعايتهم بعده، وينصبه علما لهم، ومفزعا في جمع ألفتهم، ولم شعثهم، وحقن دمائهم، والأمن بإذن الله من فرقتهم، وفساد ذات بينهم، واختلافهم، ورفع نزغ الشيطان وكيده عنهم، وإن الله عز وجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الاسلام وكماله وعزه وصلاح أهله، وأنهم خلفاؤه من توكيده لمن يختارونه لهم من بعدهم ما عظمت به النعمة، وسلمت فيه العاقبة، وينقض الله بذلك الشقاق والعداوة، والسعي في الفرقة، والتربص للفتنة، ولم يزل أمير المؤمنين مذ أفضت إليه الخلافة، فاختبر بشاعة مذاقها، وثقل محملها، وشدة مؤونتها، وما يجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله ومراقبته فيما حمله فيها وأنصب بدنه، وأسهر عينه، وأطال فكره فيما فيه عز الدين، وقمع المشركين، وصلاح الأمة، ونشر العدل، وإقامة الكتاب والسنة، ومنع ذلك من الخفض، والدعة، ومهنأ العيش، علما بما الله سائله عنه، ومحبته أن يلقى الله مناصحا في دينه وعباده، ومختارا لولاية عهده ورعاية الأمة من بعده أفضل ما يقدر عليه في دينه وورعه، وأرجاهم للقيام بأمر الله وحقه، مناجيا لله بالاستخارة في ذلك، ومسألته إلهامه ما فيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره، معملا في طلبه،