تغاوره آفاتها وهمومها * وكم ما عسى يبقى لها المتغاور فلا هو مغبوط بدنياه آمن * ولا هو عن تطلابها النفس قاصر كم غرت الدنيا من مخلد إليها وصرعت من مكب عليها فلم تنعشه من صرعته ولم تقله من عثرته ولم تداوه من شعبه ولم تشفه من ألمه.
بلى أوردته بعد عز ومنعة * موارد سوء ما لهن مصادر فلما رأى أن لا نجاة وإنه * هو الموت لا ينجيه منه المواذر تندم لم تفنيه طول ندامة * عليه وأبكته الذنوب الكبائر بكى على ما له سلف من خطاياه وتحسر على ما خلف من دنياه حيث لا تنفعه الاستعبار ولا ينجيه الاعتذار من هو المنية ونزول البلية.
أحاطت به آفاته وهمومه * وأبلس لما أعجزته المعاذر فليس له مما يحاذر ناصر * وقد جشات خوف المنية نفسه ترددها دون اللهاة الحناجر هنالك خف عنه غواده وأسلمه أهله وعواده وارتفعت الرزية والعويل ويئسوا من بر العليل وغمضوا بأيديهم عينيه ومدوا عند خروج نفسه.
فكم موجع يبكى عليه تفجعا * ومستنجد صبرا وما هو صابر ومسترجع داع له الله مخلص * يعدد منه خير ما هو ذاكر وكم شامت مستبشر بوفاته * وعما قليل كالذي صار صاير شقت جيوبها نساؤه ولطمت خدودها إماؤه وأعول لفقده جيرانه وتوجع لرزئه إخوانه ثم أقبلوا على جهازه وتشمروا لابرازه.
فظل أحب القوم كان لقربه * يحث على تجهيزه ويبادروا شمر من قد أحضروه لغسله * ووجه لما فاض للقبر حافر وكفن في ثوبين واجتمعت مشيعة إخوانه والعشاير فلو رأيت الأصغر من أولاده وقد غلب الحزن على فؤاده يغشى من الجزع عليه وقد خضب بالدموع خديه ثم