يا زهري، لا تجزع إن هذا الحديد لا يؤذيني، ثم نزعه من رجله ووضعه بين يدي، وقال: لست أجوز معهم ذات عرق. قال: ثم مضوا به محمولا، فما لبثنا بعد ذلك إلا أربعة أيام حتى [أتت] رسل عبد الملك يسألون عن علي بن الحسين وقد فقدوه، فقلت كيف كان أمره؟ قالوا: لما نزلنا ذات عرق فبتنا بها ليلتنا تلك فلما أصبحنا وجدنا حديده وفقدناه. قال ابن شهاب: فقدمت بعد ذلك بأسبوع على عبد الملك وهو بالشام فسألني عن علي بن الحسين، فقلت: أنت أعلم به مني، فقال: إنه قدم علي في اليوم الذي فقده فيه أصحابي بذات عرق فدخل علي من هذا الباب فقال:
ما أنا وأنت، فقلت: أريد أن تقيم عندي...
ومنهم العلامة يوسف بن إسماعيل النبهاني المتولد 1265 والمتوفى 1350 ه في (جامع كرامات الأولياء) (ج 2 ص 310 ط مصر) قال:
علي زين العابدين أحد أفراد ساداتنا آل البيت وأعاظم أئمتهم الكبار رضي الله عنه وعنهم أجمعين، حمله عبد الملك بن مروان مقيدا من المدينة، ووكل به من يحفظه، فدخل عليه الإمام الزهري لوداعه، فبكى وقال: وددت أني مكانك، فقال:
أتظن أن ذلك يكربني؟ لو شئت لما كان، وإنه ليذكرني عذاب الله تعالى، ثم أخرج رجليه من القيد ويديه من الغل ثم قال: لا زلت معهم على هذا يومين من المدينة، قال فما مضت أربع ليال إلا وقد قدم الموكلون به المدينة يطلبونه فما وجدوه، فسألت بعضهم فقال: إنا نراه متبوعا، إنه لنازل ونحن حوله نرصده إذ طلع الفجر فلم نجده ووجدنا حديده. قال الزهري: فقدمت بعد ذلك على عبد الله فسألني فأخبرته، فقال: قد جاءني يوم فقده الأعوان فقال لي: ما أنا وأنت، فقلت: أقم عندي، فقال: لا أحب، ثم خرج فوالله لقد امتلأ قلبي منه خيفة.