قلت: وأما البدل عند النحويين، فهو: تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع دونه. فخرج بالقصد: النعت والتوكيد وعطف البيان، لأنها غير مقصودة بما نسب إلى المتبوع. وبادله مبادلة وبدالا بالكسر: أعطاه مثل ما أخذ منه وأنشد ابن الأعرابي:
قال أبي خون فقيل لا لا * ليس أباك فاتبع البدالا (1) وقال ابن دريد: بادلت الرجل: إذا أعطيته شروى ما تأخذ منه. والأبدال: قوم من الصالحين، لا تخلو الدنيا منهم بهم يقيم الله عز وجل الأرض. قال ابن دريد: هم سبعون رجلا، فيما زعموا، لا تخلو منهم الأرض أربعون رجلا منهم بالشام، وثلاثون بغيرها. قال غيره: لا يموت أحدهم إلا قام مكانه آخر من سائر الناس. قال شيخنا: الأولى: إلا قام بدله؛ لأنهم لذلك سموا أبدالا.
قلت: وعبارة العباب: إذا مات منهم واحد أبدل الله مكانه آخر. وهي أخصر من عبارة المصنف. واختلف في واحده، فقيل: بدل، محركة، صرح به غير واحد، وفي الجمهرة: واحدهم: بديل، كأمير، وهو أحد ما جاء على فعيل وأفعال، وهو قليل، كما تقدم. ونقل المناوي عن أبي البقاء، قال: كأنهم أرادوا أبدال الأنبياء وخلفائهم، وهم عند القوم سبعة، لا يزيدون ولا ينقصون، يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة، لكل بدل إقليم فيه ولايته، منهم واحد على قدم الخليل، وله الإقليم الأول، والثاني على قدم الكليم، والثالث على قدم هارون، والرابع على قدم إدريس، والخامس على قدم عيسى، والسابع على قدم آدم، عليهم السلام، على ترتيب الأقاليم. وهم عارفون بما أودع الله في الكواكب السيارة من الأسرار والحركات والمنازل وغيرها. ولهم من الأسماء أسماء الصفات، وكل واحد بحسب ما يعطيه حقيقة ذلك الاسم الإلهي من الشمول والإحاطة، ومنه يكون تلقيه. انتهى.
وقال شيخنا: علامتهم أن لا يولد لهم، قالوا: كان منهم حماد بن سلمة بن دينار، تزوج سبعين امرأة، فلم يولد له، كما في الكواكب الدراري.
قلت: وفي شرح الدلائل للفاسي، في ترجمة مؤلفها، ما نصه: وجدت بخط بعضهم أنه لم يترك ولدا ذكرا. انتهى.
وأفاد بعض المقيدين أن هذا إشارة إلى أنه كان من الأبدال. ثم قال شيخنا: وقد أفردهم بالتصنيف جماعة، منهم السخاوي، والجلال السيوطي، وغير واحد.
قلت: وصنف العز بن عبد السلام، رسالة في الرد على من يقول بوجودهم، وأقام النكير على قولهم: بهم يحفظ الله الأرض. فليتنبه لذلك. وبدله تبديلا: حرفه وغيره بغيره. وتبدل: تغير وقوله تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات) (2). قال ابن عرفة: التبديل: تغيير الشيء عن حاله. وقال الأزهري: تبديلها: تسيير جبالها وتفجير بحارها، وكونها مستوية، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. وتبديل السموات: انتثار كواكبها وانفطارها، وتكوير شمسها، وخسوف قمرها. وقوله تعالى: (ما يبدل القول لدي) (3). قال مجاهد: يقول: قضيت ما أنا قاض. ورجل بدل، بالكسر، ويحرك: شريف كريم الأول عن كراع، وفيه لف ونشر غير مرتب. ج: أبدال كطمر وأطمار، وجبل وأجبال. والبدل، محركة: وجع المفاصل واليدين. وفي العباب: وجع في اليدين والرجلين، وقد بدل، كفرح، فهو بدل ككتف، وأنشد يعقوب في الألفاظ:
فتمذرت نفسي لذاك ولم أزل * بدلا نهاري كله حتى الأصل (4) والبأدلة: لحمة بين الإبط والثندوة وقيل: ما بين العنق والترقوة، والجمع: بآدل. وقد ذكر في أول الفصل، على أنه رباعي، وأعاده ثانيا على أنه ثلاثي. وبدل كفرح بدلا: شكاها على حكم الفعل المصوغ من ألفاظ الأعضاء، لا على العامة. قال ابن سيده: وبذلك قضينا على همزتها بالزيادة، وهو مذهب سيبويه، في الهمزة إذا كانت الكلمة تزيد على الثلاثة. والبدال كشداد: بياع المأكولات من كل شيء منها، هكذا تقوله العرب، قال أبو حاتم: سمي به لأنه يبدل بيعا