وفي المصباح: ويستعمل في الناس تشبيها.
قلت: ومنه الحديث: أن الناس دخلوا عليه بعد موته أرسالا يصلون عليه، أي أفواجا، وفرقا متقطعة، يتلو بعضهم بعضا.
والرسل: الإبل، هكذا حكاه أبو عبيد، من غير أن يصفها بشيء، قال الأعشى:
يسقي رياضا لها قد أصبحت عرضا * زورا تجانف عنها القود والرسل (1) أو هو القطيع منها، ومن الغنم، كما في الصحاح، وقال ابن السكيت: ما بين عشر إلى خمس وعشرين، وقال الراجز:
أقول للذائد خوص برسل * إني أخاف النائبات بالأول (2) والجمع أرسال، قال الراجز:
يا ذائديها خوصا بأرسال * ولا تذوداها ذياد الضلال (3) أي قربا إبلكما شيئا بعد شيء، ولا تدعاها تزدحم على الحوض.
ويقال جاءت الخيل أرسالا، أي قطيعا قطيعا.
وفي الحديث: وفيه ذكر السنة: ووقير كثير الرسل قليل الرسل، كثير الرسل، يعني الذي يرسل منها إلى المرعى، أراد أنها كثيرة العدد قليلة اللبن، فهي فعل بمعنى مفعل، قال ابن الأثير: كذا فسره ابن قتيبة، وقد فسره العذري، فقال: كثير الرسل، أي شديد التفرق في طلب المرعى، قال: وهو أشبه، لأنه قال في أول الحديث: مات الودي، وهلك الهدي. يعني الإبل، فإذا هلكت الإبل مع صبرها وبقائها على الجدب، كيف تسلم الغنم وتنمي، حتى يكثر عددها. قال: والوجه ما قاله العذري، وأن الغنم تتفرق وتنتشر في طلب المرعى لقلته.
والرسل، بالكسر: الرفق والتؤدة، يقال: افعل كذا وكذا على رسلك، أي اتئد فيه، كالرسلة، بالهاء، عن ابن عباد، وأورده أيضا صاحب اللسان، والترسل، أورده صاحب اللسان، وفي الحديث: على رسلكما إنها صفية بنت حيي.
والرسل: اللبن ما كان، وقيده في التوشيح تبعا لأهل الغريب، بالطري، يقال: كثر الرسل العام، أي كثر اللبن.
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: " رأيت في عام كثر فيه الرسل البياض أكثر من السواد، ثم رأيت بعد ذلك في عام كثر فيه التمر السواد أكثر من البياض "، الرسل اللبن، وهو البياض، إذا كثر قل التمر، وهو السواد، وأهل البدو يقولون: إذا كثر البياض. واختلف في الحديث: " هلك الفدادون إلا من أعطى في نجدتها ورسلها ".
في رسلها قولان:
قال أبو عبيد: هي قليلة الشحم واللحم واللبن، فنحرها يهون عليه، وبذلها لا يشفق منه، وهذا كقولهم: قال فلان كذا على رسله، أي على استهانته بالقول، فكأن وجه الحديث: إلا من أعطى في سمنها وهزالها، أي في حال الضن بها لسمنها، وحال هوانها عليه لهزالها، كما نقول: في المنشط والمكره.
والقول الآخر: ورسلها: ولبنها، قال أبو عبيد: قد علمنا أن الرسل اللبن، ولكن ليس له في هذا الحديث معنى، وقال غيره: له فيه معنى، لأنه ذكر الرسل بعد النجدة، على جهة التفخيم للإبل، فجرى مجرى قولهم: إلا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها، فهذا كله يرجع إلى معنى واحد. وقال ابن الأثير: والأحسن أن يكون المراد بالنجدة الشدة والجدب، وبالرسل الرخاء والخصب، لأن الرسل اللبن، وإنما يكثر في حال الخصب، فيكون المعنى أنه يخرج حق الله تعالى في حال الضيق والسعة، وقد مر ذلك في ن ج د، فراجعه.
وأرسلوا: كثر رسلهم، أي صار لهم اللبن من مواشيهم، وأنشد ابن بري: