وكيف كان، فقد مثل للدوران في تلك المسألة بقوله صلى الله عليه وآله (في خمس من الإبل شاة) ()، فإن كلمة في إن كانت مشتركة بين الظرفية والسببية، كما عن الكوفيين، صارت الرواية مجملة، من حيث دوران الواجب في زكاة الإبل بين مقدار الشاة أو نفس الشاة، وإن كانت مختصة بالظرفية ومجازا في السببية، كما عن البصريين، فيتعين كون الواجب هو مقدار قيمة شاة من خمس من الإبل، فيلزم الإضمار بتقدير المقدار، وقد صرح بعض المحققين على ما حكي عنه بأنه على تقدير الاشتراك لا إجمال، بل المراد به حينئذ هو نفس الشاة.
ولعل نظره إلى ما تقرر في محله، من أنه إذا كان حمل المشترك على أحد معنييه مستلزما لمخالفة أصل، فذلك الأصل يرجح المعنى الآخر الموافق له، ولما كان حمل كلمة في على الظرفية مستلزما للإضمار، لعدم معقولية الظرفية الحقيقية، إذ مقتضاها كون الشاة في خمس من الإبل بعنوان الظرفية والمظروفية، وهو غير معقول، فلا بد من إضمار المقدار المخالف للأصل.
هذا بخلاف ما لو حملت على السببية فإنها حينئذ سليمة عما ذكر، فيكون معنى الحديث أنه تسبب خمس من الإبل شاة، فيكون الواجب هو نفس الشاة لا قيمتها المتعلقة بخمس من الإبل بعنوان المالية المشاعة وهذا جيد.
ثم إنه تظهر الثمرة فيما إذا باع واحدا من الأباعير، فعلى إرادة الظرفية، فالزكاة متعلقة بنفس الأباعير، فلو لم يكن المشتري عالما بالحال ثم اطلع عليه، فله أن يفسخ البيع لخروج بعض المبيع، ولو إشاعة مستحقا للغير أعني الفقراء.
وكيف كان، فقد اختلفوا في المقام، فقال العلامة (قدس سره) في التهذيب () على ما حكي عنه، الإضمار أولى من الاشتراك، لاختصاص الإجمال ببعض الصور في الإضمار وعمومه في الاشتراك، وقد عرفت ما في هذا النحو من الاستدلال على الترجيح.
مضافا إلى عدم تماميته في نفسه، فإنه إن أراد بعموم الإجمال في المشترك عمومه بالنسبة إلى ما لم يقم قرينة التعيين فهو مسلم.