فعلى القول بجواز استعماله في أكثر من معنى، فلا إجمال في المراد أيضا، لأنه عند التجرد عن القرينة ظاهر في إرادة الجميع.
وكيف كان فظهر أن مجازاته لا يصدق عليها أن غيرها لا يتبادر لتبادره كما عرفت على القولين.
ثم إنه يرد نظير هذا الإشكال على ما اختاره العميدي - قدس سره - من علامة المجاز لانتقاضها طردا بالمشترك بالنسبة إلى معانيه، إذ يصدق عليها أنها لا تسبق إلى الذهن.
ودفعه قد علم مما مر، من أنها تسبق إليه وتتبادر مطلقا.
ثم إنه قد يورد على ما اخترنا من علامة الوضع وفاقا للعميدي بالحقائق المجهولة من حيث العكس فإنها مع كونها حقائق لا تتبادر للجاهل بها.
ودفعه أن العلامة إنما اختلت إذا تحققت ولم تدل على معلومها، لكنها لا يجب تحققها في جميع موارد ذلك المعلوم، لإمكان أن يمنع عن وجودها مانع من الموانع التي منها الجهل بالموضوع له.
أقول: بعد ما حققنا من أن التبادر وعدمه عند العالم علامتان للوضع وعدمه لا وجه لهذا السؤال، وأفضح منه الجواب عنه بما ذكر إذ لا يعقل فرض الجهل بالحقيقة عند العالم حال كونه عالما.
ثم إن هاهنا إشكالين واردين على كون التبادر علامة للوضع على جميع الأقوال:
أولهما: أنه لا ريب أن التبادر مسبب عن العلم بالوضع، لبطلان القول بالمناسبة الذاتية، فما لم يحصل العلم به لم يحصل العلم بالتبادر، مع أن المفروض أن العلم بالوضع متوقف على العلم بالتبادر فيلزم الدور والتالي باطل، فالمقدم مثله.
وثانيهما: أن علامة الشيء تعتبر أن تكون من خواصه بأن لا توجد في غير ذلك الشيء، والتبادر ليس خاصة للوضع، لوجوده في المجاز المشهور، فلا يكون علامة للوضع له.
وأجيب عن الأول: بوجوه ثلاثة:
الأول: منع توقف معرفة التبادر على العلم بالوضع، لإمكان حصولها بملاحظة كثرة استعمال اللفظ في الموضوع له مع القرينة إلى أن يحصل عند الجاهل بالوضع