أقول: ويمكن منع ظهور كلام السيد قدس سره أيضا فيما ذكرنا لاحتمال أنه انما أثبت صورة الاتحاد بدليل، ثم قاس صورة التعدد عليها لجامع زعمه بينهما.
وكيف كان فنحن نسوق الكلام إلى كلتا الصورتين ونحقق ما هو المختار في البين.
فنقول: إن صورة الاتحاد تتصور على صور ثلاث:
الأولى: أن يعلم باستعمال اللفظ في معنى، مع العلم بعدم استعمال لهذا اللفظ قبل هذا الاستعمال في غيره.
الثانية: أن يعلم استعماله في معنى مع الشك في أصل الاستعمال قبله كذلك.
الثالثة: أن يعلم باستعماله في معنى الآن مع العلم باستعمال له قبله، لكنه يشك في اتحاد المستعمل فيه في الموضعين وتغايره، وهذا كما في لفظة ليلة القدر، فإنا نعلم أنها استعملت في ليلة النصف من شعبان، ونعلم أيضا أنها استعملت في معنى قبل استعمالها هذا، لكنا نشك في أن المستعمل فيه في الاستعمال القبلي، هو هذا المستعمل فيه الذي هو ليلة النصف من شعبان أو غيره.
إذا عرفت هذه فنقول: إن القاعدة الأولية في الصورة الأولى تقتضي ما ذهب إليه الشيخ قدس سره، لعين الدليل الذي ذكره. اللهم إلا أن يثبت اعتبار الاستعمال حينئذ بدليل وارد على تلك القاعدة وأنى لمدعيه بإثباته.
ولو قيل: نعم يمكن ما ذكر من سبق استعمال اللفظ في المعنى المجازي عليه بالنسبة إلى المعنى الموضوع له بحسب العقل. لكنه نادر، إذ الغالب سبق إرادة الموضوع له من اللفظ فيتوجه عليه المنع صغرى وكبرى.
أما الأولى: فلأنا لم نطلع على حال الواضعين، ولم نرهم، ولم يصل إلينا أنهم سبقوا في استعمال اللفظ بالموضوع له.
وأما الثانية: فلأنه لا دليل على اعتبار تلك الغلبة إلا بناء العقلاء، وقد عرفت أنه على اعتبارها في موارد أصالة عدم النقل، ولا يجوز منه التعدي إلى غير مورده، لأنه أمر لبي لم يعلم وجهه حتى يتعدى إلى غير المورد، فيؤسس منه قاعدة كلية سارية في جميع الموارد.
وأما الصورة الثانية: فالكلام فيها ما مر في الأولى، لما عرفت من أن مآل النزاع