غلبة بقائها، فحينئذ يرد عليه:
أولا: إن هذا يرجع بالآخرة إلى اعتبار الأصل المذكور من باب الغلبة بطريق الأكل من القفا، والتزام واسطة مستدركة، وهي البناء على الحالة السابقة، فإن توسطه لغو - حينئذ - لعدم الحاجة إليه بوجه.
فالأولى الالتزام أولا بأن وجه الاعتبار هو الغلبة، وعدم الالتجاء إلى تلك الواسطة.
وثانيا: ان هنا غلبتين:
إحداهما: نوعية وهي المرجع في اعتبار العدم السابق المعبر عنه بالاستصحاب العدمي، وهي غلبة بقاء ما كان مسبوقا بالعدم على العدم.
والأخرى: شخصية، وهي غلبة اتحاد المعاني العرفية مع اللغوية، ولا ريب في أقوائية الثانية حتى أنها بحيث لم يوجد لها مورد مخالف إلا موارد معدودة بين ثلاثة وخمسة، ولا ريب أنه مع وجود الظن الأقوى يتعين عند العقلاء الأخذ به، ولا يجوزون التخطي عنه إلى الأضعف، فلا يكون اعتبار أصالة عدم النقل راجعا إلى الغلبة النوعية المذكورة، فلا يكون من باب الاستصحاب، والبناء على الحالة السابقة، لأن مدرك اعتباره تلك الغلبة، والعمل على مقتضى تلك الغلبة الشخصية، ليس بناء على الحالة السابقة، ولا ناظرا إليها بوجه، فثبت أن مبنى اعتبار الأصل المذكور انما هو غلبة الاتحاد، لا البناء على الحالة السابقة بوجه.
الرابع: أنه لو كان اعتبار أصالة عدم النقل من باب الاستصحاب، لكانت معارضة بأصالة تأخر الوضع، إذ كما يقال الأصل بقاء الوضع الأولي، وعدم نقل اللفظ منه إلى غير المعنى الأولي، كذلك يصح أن يقال الأصل تأخر هذا الوضع المعلوم لهذا اللفظ في الحال، وعدمه بالنسبة إلى الأزمنة المشكوكة المتقدمة، وهذا يقتضي سقوط الأصل المذكور عن الاعتبار، مع أنك عرفت الاتفاق من العلماء بل العقلاء على اعتباره.
وكيف كان فهذا الإشكال أقوى ما يرد على مشهور المحققين الزاعمين أن اعتباره من باب الاستصحاب.
هذا، وقد أجيب عن هذا الإشكال بأن تعارض الأصلين المذكورين من باب تعارض المزيل والمزال، إذ الشك في تأخر الوضع ناشئ عن الشك في النقل،