بالكامل! ثم لم يختلف هذا الهدف عند بني مروان إلا بقدر ما سمحت لهم به الظروف، أو لم تسمح!
ثم اعتبرت أن موجة الظلم العباسي بدأت بالمنصور الدوانيقي، لأن أخاه السفاح كان متسامحا يحمل قدرا من الروح الهاشمية، بينما كان المنصور سفاحا مسرفا في سفك الدماء! وقد ساءه أن يرى المرجعية الفكرية للأمة متمركزة في الأئمة من ذرية الحسين عليه السلام فقرر تأسيس مذهب في مقابلهم وأمر مالك بن أنس أن يكتب له كتابا موطأ ليلزم به المسلمين، وحصر الفتوى بمالك، ومنع أئمة أهل البيت عليهم السلام وفقهاء المدينة أن يفتوا ما دام مالك موجودا، حتى صار قراره مثلا: (لا يفتين أحد ومالك في المدينة)، وقام باضطهاد الإمام جعفر الصادق عليه السلام وقتله، وقتل الكثير من شيعته، وأمر المحدثين والفقهاء والولاة أن لا يرووا شيئا في فضائل علي عليه السلام، ولا شيئا يطعن بأبي بكر وعمر، وأن يفضلوهما على علي عليه السلام! ثم ابتدع مدح أبي بكر وعمر في خطبة الجمعة وقال: (والله لأرغمن أنفي وأنوفهم، وأرفع عليهم بني تيم وعدي). (منهاج الكرامة ص 69).
وكان السبب في عمل المنصور هذا أن شركاءهم الحسنيين اتهموهم بسرقة الثورة وثاروا ضدهم وسيطروا على الحجاز واليمن والبصرة، وكاد جيشهم أن يطيح بالمنصور في الكوفة، فانتصر عليهم ونكل بهم وقتلهم وشردهم! ثم اتخذ قراراته غيظا من أبناء علي عليه السلام كلهم، بتغيير الخط الفكري لثورة العباسيين، وإعادة الاعتبار للخلفاء القرشيين، بعد أن قامت الثورة الهاشمية على البراءة منهم، ورفعت في مقابل الأمويين شعار: يا لثارات الحسين عليه السلام، وفي مقابل قريش: الدعوة إلى الرضا من آل محمد. وقد استمرت خطة المنصور في أولاده خلفاء بني العباس، لكن هارون الرشيد اتخذ إجراءات عملية واسعة في اضطهاد