أولا، أن معناها أن النبي صلى الله عليه وآله نعى الأمة إلى نفسها، وأنها ستنحرف بعده، وهي حقيقة مرة وخطيرة لكنها قطعية!
ثانيا، أن مقصوده صلى الله عليه وآله انحراف غالبية الأمة، وليس فئة صغيرة منها، وإلا لقال: ليتبعن فئة من أمتي، أو مارقة من أمتي سنن من كان قبلهم. ولم يصح أن يوجه خطابه إلى جميع الأمة فيقول صلى الله عليه وآله: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا.... والذي نفسي بيده لتتبعن سنن الذين من قبلكم.. ولتركبن سنن من كان قبلكم...
ثالثا، أن الانحراف الموعود يشمل العقائد والشرائع والسياسة، كما حدث في بني إسرائيل، الذين شمل انحرافهم أصول عقيدتهم بالله تعالى، وطعنهم بأنبيائهم ومخالفتهم لأوصيائهم عليهم السلام واتباعهم لغيرهم! وقد نصت بعض صيغ الأحاديث على الشمول، كقوله صلى الله عليه وآله: لتنقض عرى الإسلام عروة عروة، كلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة. وسواء أراد بالحكم الخلافة، أو القضاء، فهو يدل على انحراف السلطة الحاكمة.
رابعا، هذه الأحاديث النبوية تفسر آية الانقلاب على الأعقاب: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) (آل عمران: 144)، وأن الشرطية والاستفهام فيها إنذار واستنكار وإخبار! وليس قضية فرضية لن تحدث!
خامسا، أين هو هذا الانحراف في الأمة، إن لم يكن ما تقوله الشيعة؟ فلو سألت بعضهم: هل تحقق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله واتبعت الأمة سنن اليهود والنصارى؟! لحاول أن ينفي ذلك ويثبت لك أن الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله مشت على طريق الهدى، واتبعت خير أصحابه أبا بكر وعمر، وأن الذين ارتدوا قبائل قليلة تم إخضاعهم، وأن الذين انحرفوا هم فئة قليلة من أهل الأهواء والبدع، وهم الرافضة الذين رفضوا خلافة أبي بكر وعمر، وزعموا أن النبي صلى الله عليه وآله أوصى لعلي والعترة عليهم السلام!