من ملائكة تحرسه وترصده، وترصد له ما ينبغي قوله وفعله وما لا ينبغي!
وبه نعرف معنى الجنة الحصينة التي كانت ترافق أمير المؤمنين عليه السلام وتمنع عنه الموت قبل أجله! فقد كان مطمئنا إلى أنه لن يقتل في حرب وإن جرح بجروح خفيفة أو بليغة! وقد تضاعف خطر الاغتيال عليه بعد النهروان، فخوفه الناس من فتك الخوارج فقال: (وإن علي من الله جنة حصينة، فإذا جاء يومي انفرجت عني وأسلمتني، فحينئذ لا يطيش السهم، ولا يبرأ الكلم). (نهج البلاغة: 1 / 283) وبذلك نتصور المستوى الذي بلغه النبي صلى الله عليه وآله وعترته عليهم السلام! فهم مع علمهم بآجالهم وابتلاءاتهم، يعيشون بالعلم الظاهر ويتعاملون به، ويستعملون الوسائل العادية لا أكثر، لتجري مقادير الله تعالى!
(عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها، والموضع الذي يقتل فيه، وقوله لما سمع صياح الإوز في الدار: صوائح تتبعها نوائح، وقول أم كلثوم: لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس فأبى عليها، وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح، وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف، كان هذا مما لم يجز تعرضه! فقال: ذلك كان، ولكنه خير في تلك الليلة، لتمضي مقادير الله عز وجل). (الكافي: 1 / 259) وبهذا ينتفي السؤال لماذا لم يحبس أمير المؤمنين عليه السلام ابن ملجم، بل استبشر بقدومه، كما يستبشر المحبوس بمجئ من يطلقه من سجنه؟!
(وقدم عبد الرحمن بن ملجم المرادي الكوفة لعشر بقين من شعبان سنة أربعين فلما بلغ عليا عليه السلام قدومه قال: أوقد وافى؟ أما إنه ما بقي علي غيره، وهذا أوانه! قال: فنزل على الأشعث بن قيس الكندي، فأقام عنده شهرا يستحد سيفه). (تاريخ اليعقوبي: 2 / 222).