أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا، بتقوى الله ربنا وربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام، وإن المبيرة حالقة الدين: إفساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أنظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوها، يهون الله عليكم الحساب.
والله الله في الأيتام، فلا تغيرن أفواههم بجفوتكم.
والله الله في جيرانكم، فإنها وصية نبيكم صلى الله عليه وآله، فما زال يوصينا بهم حتى ظنننا أنه سيورثهم الله.
والله الله في القرآن، فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم.
والله الله في الصلاة، فإنها عماد دينكم.
والله الله في صيام شهر رمضان، فإنه جنة من النار.
والله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم.
والله الله في زكاة أموالكم، فإنها تطفئ غضب ربكم.
والله الله في أهل بيت نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم.... الخ.
وكانت هذه هي وصيته العامة صلوات الله عليه.
فعند ذلك يئس الناس من أمير المؤمنين عليه السلام وقام لهم بكاء وعويل، فسكتهم الحسن عليه السلام لكيلا تهيج النساء ويضطرب أمير المؤمنين عليه السلام، فسكتوا وصاروا ينشجون نشيجا خفيفا، إلا الأصبغ بن نباتة شرق بعبرته وبكى بكاء عاليا، فأفاق أمير المؤمنين من غشوته فقال: لا تبك فإنها والله الجنة، فقال نعم يا أمير المؤمنين وأنا أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفراقك يا سيدي.
قال حبيب بن عمرو: فما أحببت أن الأصبغ يتكلم بهذا الكلام مع أمير المؤمنين عليه السلام، فأردت أن أرفع ما وقع في قلب أمير المؤمنين من كلام الأصبغ