وأمضى ابن ملجم ليلته ساهرا يتحدث مع الأشعث في مسجد الضرار الذي بناه الأشعث قرب بيته، فكان يصلي فيه مع جماعته المنافقين، ولا يصلون خلف علي عليه السلام في مسجد الكوفة الأعظم! وجاء الأشعث مع ابن ملجم إلى المسجد ليساعده، وسمعه حجر بن عدي يقول له: النجاء النجاء لحاجتك، فقد فضحك الصبح! فركض حجر نحو المسجد فسبقه ابن ملجم وشبيب وكمنوا لأمير المؤمنين عليه السلام مقابل السدة والمحراب، خلف أسطوانات المسجد.
كان أمير المؤمنين عليه السلام يصلي نافلة الفجر، فلما كان في السجدة الثانية من الركعة الثانية، هاجمه اللعينان فضربه شبيب بن بجره على رأسه فأخطأه ووقعت ضربته في الطاق، ثم ضربه اللعين ابن ملجم وهو يقول: الحكم لله لا لك يا علي ولا لأصحابك! فوقعت الضربة على قرنه على مكان ضربة عمرو بن ود، وأخذت من مفرق رأسه إلى موضع السجود! فلم يصرخ عليه السلام ولم يتأوه، بل قال: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فزت ورب الكعبة، ثم صاح: قتلني ابن ملجم، لا يفوتنكم!
فلما سمع الناس الضجة قام كل من في المسجد وأحاطوا بأمير المؤمنين عليه السلام وهو يشد رأسه بمئزره، والدم يجري على وجهه ولحيته، وقد خضبت بدمائه، وهو يقول: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
وارتفعت صرخات الناس ونداؤهم في المسجد: وا إماماه وا أمير المؤمنيناه، فلما سمعها الحسن والحسين صلى الله عليه وآله ناديا: وا أبتاه وا علياه ليت الموت أعدمنا الحياة! وجاء الحسن عليه السلام فصلى بالناس وأمير المؤمنين عليه السلام يصلي إيماء من جلوس، وهو يمسح الدم عن وجهه ولحيته الشريفة.
فما كان إلا ساعة وإذا بزمرة من الناس جاؤوا بعدو الله ابن ملجم مكتوفا، هذا