وإدراك عقولنا! فقد استطاع أن يلقن تلك العلوم لعلي عليه السلام في جلسة واحدة، لم تزد على ساعة أو ساعتين، فقد روى المسلمون أن هذا الحديث كانت في مرض وفاته صلى الله عليه وآله، وأنه دعا عليا عليه السلام وناجاه بمفرده طويلا، وكان المسلمون ينتظرونه خارج الغرفة! وهذا مقام يشبه مقام جبرئيل عليه السلام في تلقينه النبي صلى الله عليه وآله!!
ويظهر ثالثا، من نصوص الألف باب أن جزء منها علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب، فهي إذن أعظم من ذلك.
ويظهر أن هذه المعجزة التي أظهرها علي عليه السلام في ابن حريث وأصحابه، أنها إحدى ثمرات الألف باب، وأن باستطاعته عليه السلام وهو يخطب على منبر المدائن أن يوجه نفسه الشريفة لمعرفة حال عمرو بن حريث وحزبه، الذين وصلوا لتوهم من الكوفة، فيريه الله تعالى سبب تأخرهم، ومشهدهم عندما أخذ ابن حريث يد الضب وأعلن خلع علي عليه السلام وبيعة الضب أميرا لهم، وطلب منهم أن يبايعوه بإمرة المؤمنين، فبايعوه كلهم سخرية بأمير المؤمنين والدين!
ثم يريه الله تعالى مشهد هؤلاء في المحشر يوم يدعو كل أناس بإمامهم، وأنهم يدعون وإمامهم الضب الذي بايعوه!!
ويظهر رابعا، أن تأثير هذه المعجزة وأمثالها من أمير المؤمنين عليه السلام كان بليغا في إفحام المنافقين وخشوع المؤمنين! ولكن المنافقين كانوا مع ذلك يتمادون في عنادهم! وهذه سنة الله تعالى، فقد واجهت قريش معجزات النبي صلى الله عليه وآله بالقول إنها سحر، وإن بني عبد المطلب كلهم سحرة!! وكذلك واجه أبناؤهم وأتباعهم عترة النبي صلى الله عليه وآله! فكان الأشعث بن قيس يقول لمعاوية إن عليا ساحر كذاب!
* * ويلاحظ أخيرا وأولا، أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يتخذ أي إجراء ضد ابن حريث وجماعته! ولعله اعتبر عملهم من ناحية حقوقية عملا أستسروا به،