رسول الله صلى الله عليه وآله أسر إلي ألف حديث في كل حديث ألف باب لكل باب ألف مفتاح، وإني سمعت الله جل جلاله يقول: يوم ندعو كل أناس بإمامهم، وإني أقسم لكم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم وهو ضب ولو شئت أن أسميهم لفعلت! قال: فلقد رأيت عمرو بن حريث قد سقط كما تسقط السعفة حياء ولوما)! (الخصال ص 644، وبصائر الدرجات ص 326).
وفي الهداية الكبرى للخصيبي ص 134: (وخرج القوم إلى الخندق وذهبوا ومعهم سفرة وبسطوا في الموضع وجلسوا يشربون الخمر، فمر بهم ضب فأمروا غلمانهم فصادوه لهم وأتوهم به، فخلعوا أمير المؤمنين وبايعوا الضب وبسطوا يده، وقالوا له: أنت والله إمامنا ما بيعتنا لك ولعلي بن أبي طالب إلا واحدة، وإنك لأحب إلينا منه)! انتهى.
أقول: يظهر أولا، أن هذه الصيغة لحديث الألف باب من العلم، من أدق الصيغ فالأحاديث التي علمه إياها النبي صلى الله عليه وآله أو الموضوعات: ألف حديث، وفي كل حديث منها ألف باب، ولكل باب ألف مفتاح! وكلها سر لا يمكن للإنسان العادي أن يستوعبها، أو يؤتمن عليها ولا يسئ استعمالها! فهذا المستوى من القدرة على الإستيعاب، والأمانة والتحمل، لا يتحقق إلا في أناس نادرين، يصير أحدهم أهلا لأن يصطفيه الله تعالى، فيطور قدراته العقلية والنفسية، ويضع في شخصيته جنبة ملائكية يتلقى بها هذه العلوم!
وعندما يعطيه هذه العلوم يجعل معه ملائكة يحفظونها ويحفظونه، ليعيش حياته الطبيعية بالعلم الظاهري، ويستعمل طرفا من العلم اللدني في وقته المناسب! وهذا هو معنى قوله تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا. (الجن: 26 - 27) ويظهر ثانيا، مقام النبي صلى الله عليه وآله وما أعطاه ربه عز وجل، وأنه فوق تصور أذهاننا