يستبطئ منه ما يراه لازما، أو لأنه يريد منه المزيد من الخير الذي فعله، فإن بلغكم من بعضنا غضب على بعض فلا تجعلوه سببا للنزاع والحرب! وأنا رغم عتبي على علي فهو عندي من الأخيار، ولم يكن بيني وبينه إلا ما يكون بين الزوجة وأقارب زوجها من أمور صغيرة!!
فهذا اعتراف عائشة بأن عليا رجل صالح وأن حربها له وألوف القتلى كانت بسبب حساسية الزوجة من أقارب زوجها! أما علي عليه السلام فله فيها رأي آخر!!
وفي تاريخ الطبري: 3 / 545: (عن محمد بن راشد عن أبيه قال: كان من سيرة علي: أن لا يقتل مدبرا، ولا يدفف على جريح، ولا يكشف سترا، ولا يأخذ مالا، فقال قوم يومئذ: ما يحلل لنا دماءهم ويحرم علينا أموالهم؟! فقال علي: القوم أمثالكم، من صفح عنا فهو منا ونحن منه، ومن لج حتى يصاب فقتاله مني على الصدر والنحر، وإن لكم في خمسه لغنى. فيومئذ تكلمت الخوارج)! انتهى.
ومعنى قوله: (فيومئذ تكلمت الخوارج): أنهم تشكلوا في ذلك اليوم كفئة لها متكلمون باسمهم، وكان أول اعتراضهم على أمير المؤمنين عليه السلام أنه أحل قتال البغاة وحرم سبيهم وغنائمهم، إلا ما حوى معسكرهم!
وفي الإحتجاج: 1 / 246: عن عبد الله بن الحسن قال: (كان أمير المؤمنين عليه السلام يخطب بالبصرة بعد دخوله بأيام فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة، ومن أهل الفرقة، ومن أهل البدعة ومن أهل السنة؟ فقال: ويحك أما إذا سألتني فافهم عني، ولا عليك أن تسأل عنها أحدا بعدي:
أما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا، وذلك الحق عن أمر الله تعالى وعن أمر رسوله صلى الله عليه وآله. وأهل الفرقة المخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا. وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وإن قلوا. وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ولرسوله، العاملون برأيهم وأهوائهم، وإن كثروا، وقد مضى منهم الفوج