الأول وبقيت أفواج، وعلى الله قبضها واستيصالها عن جدد الأرض.
فقام إليه عمار فقال: يا أمير المؤمنين إن الناس يذكرون الفيئ ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وولده فيئ لنا. فقام إليه رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس، وكان ذا عارضة ولسان شديد، فقال: يا أمير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية، ولا عدلت بالرعية. فقال: ولم ويحك؟! قال لأنك قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذرية. فقال: أيها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسمن! فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات!
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف (يقصد الحجاج)! قيل: ومن غلام ثقيف؟ فقال: رجل لا يدع لله حرمة الا انتهكها! فقيل: أفيموت أو يقتل؟ فقال: يقصمه قاصم الجبارين بموت فاحش يحترق منه دبره لكثرة ما يجرى من بطنه! يا أخا بكر أنت أمرؤ ضعيف الرأي، أوما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة، وتزوجوا على رشدة، وولدوا على فطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث، فإن عدا أحد منهم أخذناه بذنبه وإن كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره! يا أخا بكر لقد حكمت فيهم بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل مكة، فقسم ما حوى العسكر، ولم يتعرض لما سوى ذلك، وإنما اتبعت أثره حذو النعل بالنعل!
يا أخا بكر أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بالحق فمهلا مهلا رحمكم الله. فإن لم تصدقوني وأكثرتم علي - وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد - فأيكم يأخذ عائشة بسهمه؟! فقالوا: يا أمير المؤمنين أصبت وأخطأنا، وعلمت وجهلنا، فنحن نستغفر الله تعالى! ونادى الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين، أصاب الله بك الرشاد والسداد، فقام عمار فقال:
أيها الناس إنكم والله لو اتبعتموه وأطعتموه لن يضل بكم عن منهل نبيكم صلى الله عليه وآله