قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي بفراقك، موضع التعزي، فلقد وسدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي. نعم وفي كتاب الله أنعم القبول: إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء.
يا رسول الله! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم. كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو! وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك علي، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا! وستقول ويحكم الله، وهو خير الحاكمين.
سلام عليك يا رسول الله سلام مودع، لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما، واللبث عنده معكوفا، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية! فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهتضم حقها قهرا، وتمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد ولم يخل منك الذكر! فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء. وصلوات الله عليك وعليها، ورحمة الله وبركاته).
وفي رواية روضة الواعظين للنيسابوري ص 151: (فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلى نفسي لأرى ما بي لا أشك، إلا أنني لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي. قال لها علي: أوصني بما أحببت يا بنت رسول الله......
ثم قالت: جزاك الله عني خير الجزاء، يا ابن عم أوصيك أولا أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة، فإنها تكون لولدي مثلي، فإن الرجال لابد لهم من النساء...
ثم قالت: أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني وأخذوا حقي فإنهم أعدائي وأعداء رسول الله، وأن لا يصلي علي أحد منهم ولا من أتباعهم،