فاطمة الزهراء.. أعطاها الله ورسوله مقاما عظيما: سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة، واعترف به القريب والبعيد، وأثبتت بسمو شخصيتها وتميز سلوكها، أنها أهل لهذا المقام، وأنها حقا أمة الله الطيبة الطاهرة المباركة، التي بشرت بها التوراة والإنجيل، وأن ذرية النبي الخاتم ستكون منها!
فما لها وقفت أشد موقف من السلطة القرشية بعد وفاة أبيها؟ وركزت غضبها على زعامة قريش الجديدة أبي بكر وعمر وصاحبهم في مكة سهيل بن عمرو؟! فاتهمتهما بأشد التهم، ولم تقبل لهما عذرا، ولا ردت عليهما السلام عندما جاءاها معتذرين لها من الهجوم على دارها، ومصادرة أوقاف النبي صلى الله عليه وآله وفدك ومنعها من إرث أبيها صلى الله عليه وآله! مع أن رد سلام المسلم واجب، وقبول عذره لازم!
ولا نظنها كانت ستقبل لهم عذرا حتى لو أرجعوا لها الأوقاف وفدك، فقضيتها معهم ليست أوقاف أبيها ولا مزرعة فدك! فماذا تصنع فاطمة بفدك والأوقاف، وهي من هي زهدا وعبادة، وقد أخبرها أبوها أنها ستلتحق به عن قريب؟!
فقضيتها أن تثبت للمسلمين أن الذي جلس مكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يؤتمن على الدين والأمة، لأنه سرق مزرعة من بنت النبي صلى الله عليه وآله فأرسل مسلحين أخرجوا منها وكيلها ووضعوا وكيله بدله! فيا ويل بنات المسلمين، ويا ويل الأمة!
قضيتها أنها تراهم غاصبين للخلافة التي هي حق من الله لزوجها وولديها الحسن والحسين، وبعدهما للأئمة من ذريتها الموعودين على لسان أبيها!
ترى سقيفتهم مؤامرة وردة قرشية عن الإسلام! (فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهرت فيكم حسيكة النفاق... هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة! ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين!... ثم أخذتم تورون وقدتها، وتهيجون جمرتها،