وطبيعي أن يكون لهذه المجالس دور اجتماعي وسياسي في ذلك الظرف الحساس، الذي حدثت فيه بيعة السقيفة، وخالفها بنو هاشم وغيرهم، وهاجم الطلقاء بيت فاطمة وعلي صلى الله عليه وآله لإجبار من فيه على البيعة.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ما بال رواة السلطة لم يرووا أخبار هذه المجالس؟
والجواب: أن الوضع لم يكن طبيعيا لا في المسجد ولا في بيت علي وفاطمة! فالحزب القرشي بعد بيعة أبي بكر جعلوا السقيفة مركز نشاطهم، بعد أن أهانوا سعد بن عبادة المريض، فحمله أولاده إلى بيته، وتركوا لهم السقيفة!
لكنهم بعد الهجوم على بيت علي وفاطمة صلى الله عليه وآله جعلوا مسجد النبي صلى الله عليه وآله مركزهم! واتخذوا إجراءات مشددة في المسجد وحول القبر النبوي الشريف، شبيها بالأحكام العرفية، ومنعوا إقامة مجالس العزاء، ومطلق التجمع عند قبر النبي صلى الله عليه وآله، فقد كان خوف السلطة القرشية الجديدة من أمرين:
الأول، مجالس الندب التي تقيمها فاطمة عليها السلام، أن توظفها لتأليب الأنصار وبعض المهاجرين ضد بيعة أبي بكر.
والثاني، أن تستجير فاطمة وعلي بقبر النبي صلى الله عليه وآله كما هي عادة العرب، معلنين أنهم أهل الوصية والخلافة، مطالبين بالوفاء لهم بالبيعة ورد بيعة أبي بكر!
فكان الحل عند القرشيين أن أطلقوا نصا دينيا يمنع التجمع عند قبر النبي صلى الله عليه وآله حتى للصلاة! وقالوا إن ذلك آخر ما قاله النبي صلى الله عليه وآله في آخر لحظات حياته، وأنه لعن اليهود والنصارى لأنهم