لا يظهر الفرق بينه وبين صورة علمها إلا بأن يقال بلزوم العقد حينئذ وإن تجدد العلم بالتحريم أو الشخص بعد العقد، ويمكن أن يكون التحريم ثابتا لهما أيضا، لكن للعالم بالذات وللجاهل بالواسطة، لكون التحريم عقوبة على العقد، ولا عقوبة إلا على العالم، ويحتمل أن لا يكون العقد باطلا حين جهل أحدهما وإن كانا حين العقد الثاني عالمين بالحكم والشخص وإن أثم العالم، لكن لا نعرف به قائلا " قلت:
بل ولا وجها معتدا به كغيره مما ذكره، وقريب منه ما ذكره المقدس البغدادي من أنه لا مانع من التزام تبعيض الصحة في الواقع، لأنها في المعاملة مجرد ترتب آثار، فلا بأس في جريانها بالنسبة إلى شخص دون الآخر، وفيه ما عرفت.
فالأولى أن يقال: ليس المراد في النص والفتوى الفرق بين علمهما وعلم أحدهما في ذلك، بل المراد إبانة التساوي بين الصورتين، لما عرفت أن الحرمة هنا أبدا من جانب تستلزمها من آخر، لعدم قابلية عقد التبعيض في نفس الأمر، ومن هنا اكتفى في المحرمات جميعها بذكر حرمتها من جهة، كما هو واضح.
وقد أشرنا إليه سابقا في البحث عن الشبهة، فلاحظ وتأمل تجد الأمر ظاهرا، لظهور اعتبار الدخول في العدة في الحرمة أبدا فيما يعتبر فيه ذلك، فلو عقد جاهلا عليها فيها ودخل بها بعد العدة ثم علم بالحال بعد ذلك لم تحرم أبدا، بل كان له الاستئناف كما صرح به في المسالك.
ومن الغريب ما في الرياض من الحرمة أبدا بذلك معللا له باطلاق الفتاوى كالنصوص، ثم قال: " وربما اشترط في الدخول وقوعها في العدة، وهو ضعيف " وظاهره المفروغية من ذلك، مع أنه لا ينكر انسياق الدخول في العدة مما أطلق فيه ذلك من النصوص، خصوصا بعد صراحة نصوص الحلبي (1) في ذلك، وموثق ابن مسلم (2) وغيره فإنها جميعا بمذاق واحد، وفي خبر أبي بصير (3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " في رجل نكح امرأة وهي في عدتها، قال: يفرق بينهما،