فيلزم كل منهما باقراره وإنكاره، وليس هذا تبعيضا للعقد في الواقع، بل هو ليس إلا واحدا، بخلاف المقام المفروض فيه التبعيض واقعا، وإلا لم يكن فيه إشكال أصلا إذا فرض كونه من هذا القبيل، كما لو ادعت الامرأة مثلا بعد تجديد العقد عليها أنها كانت عالمة حال العقد الأول وأقدمت على محرم، وأنكر الزوج علمها بذلك، وادعى أنهما معا كانا جاهلين حال العقد الأول، فلا تترتب حرمة أبدا، فإن المتجه حينئذ بقاء العقد الثاني على الصحة ظاهرا وإن وجب على الامرأة في باطن الأمر التخلص منه، كما في نظائره.
ولا ينافي ما ذكرنا ما في ذيل صحيح ابن الحجاج (1) المعلوم عدم اختصاص الحرمة أبدا في العالم على وجه لو جدد العقد بعد العلم بالحال يكون صحيحا من جهة وفاسدا من أخرى، بل المراد أن الحرمة في الواقع أبدا على خصوص العالم فيهما بعد فرض عدم علم الآخر به، فإن العقد كان صحيحا بحسب الظاهر، لعدم ثبوت دعوى مدعي العلم في العقد الأول بعد العقد الثاني بمجرد دعواه.
وقد نبه لبعض ما ذكرناه في المسالك، فقال: " وإن جهل أحدهما وعلم الآخر اختص كل واحد بحكمه وإن حرم على الآخر التزويج به من حيث مساعدته على الإثم والعدوان، ويمكن التخلص من ذلك بأن يجهل التحريم أو شخص المحرم عليه، ومتى تجدد علمه تبين فساد العقد، إذ لا يمكن الحكم بصحة العقد من جهة دون أخرى في نفس الأمر وإن أمكن في ظاهر الحال، كالمختلفين في صحة العقد وفساده " لكن فيه أولا أن الفساد ليس للإعانة على الإثم إذ يمكن فرض عدمها في الغفلة ونحوها، بل هو لما عرفت، وثانيا ما في كشف اللثام، فإنه بعد أن ذكر اختصاص الحرمة في العالم قال: " وإنما تظهر الفائدة إذا بقي الآخر على جهله حتى عاد، أما إذا تجدد له العلم قبل العود فيشكل التحريم من أحد الجانبين خاصة، إلا أن يقال بالحل للآخر إن جهل التحريم أو شخص المعقود عليها ثانيا، ولكن