وليست محرمة على الأب، كما كشف عن ذلك خبر ابن مهزيار (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قيل له: إن رجلا تزوج بجارية صغيرة فأرضعتها امرأته ثم أرضعتها امرأته الأخرى، فقال ابن شبرمة: حرمت عليه الجارية وامرأتاه، فقال أبو جعفر عليه السلام: أخطأ ابن شبرمة، حرمت عليه الجارية وامرأته التي أرضعتها أولا، فأما الأخيرة فإنها لا تحرم عليه، لأنها أرضعتها وهي بنته " وهو صريح في المدعى، ولا يلزم منه عدم حرمة الربيبة التي هي بنت من كانت زوجته المدخول بها، ضرورة الفرق بين مصداق قوله تعالى (2): " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " وبين قوله تعالى (3): " أمهات نسائكم " فإن الأولى صادقة قطعا علي بنت من كانت زوجة، بخلاف الثانية الظاهرة في اعتبار اجتماع الأمية، والزوجية، خصوصا مع اشتراط بقاء المبدء في صدق المشتق وما شابهه.
على أنه قد عرفت انحصار المحرم في الرضاع بما يحرم من النسب، وليس في النسب من انحصر صدقها في أم من كانت زوجة، إذ أم المطلقة مثلا ليس حرمتها لذلك، بل لتحقق الصدق قبل الطلاق، وهو سبب التحريم مؤبدا، فليس حرمتها لأنها أم من كانت زوجته، بل لأنها كانت أم زوجة فعلا، بخلاف الربيبة، فإن في النسب بنت من كانت زوجة مندرجة تحت الآية الشريفة، فيحرم مثلها في الرضاع، ولعله لذلك كان المحكي عن الإسكافي والشيخ في النهاية وظاهر الكليني حلية الثانية، بل هو خيرة الرياض وسيد المدارك حاكيا له عن جماعة، بل هو ظاهر الأصفهاني في كشفه أو صريحه أيضا، بل ربما كان ظاهر ما حكاه فيه عن ابن إدريس أيضا.
(و) لكن مع ذلك كله (قيل: بل تحرم أيضا) في الفرض (لأنها صارت أما لمن كانت زوجته) بل نسبه في المسالك إلى ابن إدريس والمصنف في النافع وأكثر المتأخرين، بل لم يحك القول الأول إلا عن الشيخ في النهاية وابن الجنيد، نعم قال إنه مال إليه المصنف لقول: (وهو) أي التحريم (أولى)