في حديث آخر (1) " إن كتب الله كلها مما جرى فيه القلم، في كلها تحريم الأخوات على الإخوة فيما حرم وأن جيلا من هذا الخلق رغبوا عن علم بيوتات الأنبياء، وأخذوا من حيث لم يؤمروا بأخذه، فصاروا إلى ما قد ترون من الضلال - ثم قال -:
ما أراد من يقول هذا وشبهه إلا تقويه حجج المجوس، فما لهم قاتلهم الله " وهو صريح فيما ذكرناه، ولذلك حكاه عن البهائم التي لا نسب شرعي بينها، فالقبح الذي لا يخفى على البهائم كيف يخفى علي بني آدم إلا على من كان أسوأ منها.
مضافا إلى ما فيه من نقصان الشهوة المفضي إلى اختلال أمر التناسل الذي هو الغرض الأصلي من النكاح، وأن النكاح لما كان من أعظم علل الضم والاجتماع المطلوبين للتعاون والتشارك والتوسل إلى الكمالات الكسبية للانسان وجب أن يكونا من الغايات المقصودة منه، لأن مصالح الأفعال الحسنة غايات في طلب الحكيم العالم بها، وحيث كان الضم والاجتماع حاصلين مع النسب اللغوي خاصة على أبلغ الوجوه وأحسنه لم يكن لعلقة السبب تأثير في حصولهما، لامتناع تحصيل الحاصل، فلا تكون العلاقة السببية مطلوبة مع وجود النسبية إلا مع ضعف تأثيرها في الاجتماع والضم، كما في أولاد العمومة والخؤولة، فإنه ينزل الضعف فيه منزلة العدم، ويجبر بالإذن في النكاح المقتضي للضم، كما في الأباعد.
وعلى كل حال فلا ينبغي التأمل في أن مدار تحريم النسبيات السبع على اللغة، ولا يلزم منه إثبات أحكام النسب في غير المقام الذي ينساق من دليله إرادة الشرعي لانتفاء ما عداه فيه، وهو قاض بعدم ترتب الأحكام عليه، لأن المنفي شرعا كالمنفي عقلا كما أومأ إليه النفي باللعان، فما في القواعد - من الاشكال في العتق أن ملك الفرع والأصل والشهادة على الأب والقود به وتحريم الحليلة وغيرها من توابع النسب - في غير محله، وفي كشف اللثام " كالإرث وتحريم زوج البنت على أمها والجمع بين الأختين من الزنا أو إحداهما منه وحبس الأب في دين ابنه أن منع منه - ثم قال - والأولى