كما ورد في الأخبار (1) والتعريف الثاني يدخل فيه وطء الظان بعدم الاستحقاق وإن استند إلى سبب شرعي، كشهادة العدلين والاجتهاد والتقليد المعتبرين، فإنه يصدق معه أنه غير علم بالتحريم، وإنما هو ظان، مع أنه لا خلاف في أنه زنا لا يثبت به النسب، وما في القواعد - من أن الحد إنما يثبت في المحرم بالاجماع، كالخامسة وذات البعل، دون المختلف فيه كالكتابية والمخلوقة من الزنا - يراد منه جواز استناد الواطء مع الاختلاف إلى القول بالحل، وليس المراد منه أنه يدرأ عنه وإن علم منه خلاف ذلك، كما هو واضح.
كما أنه قد يقال: إن المراد من العلم بالتحريم الذي اعتبر انتفاؤه في التعريف الثاني للشبهة ما يعم الظن المعتبر أو العلم بالحكم الظاهري، للقطع بفساد الحد على تقدير إرادة العلم القطعي بالحكم الواقعي، وحينئذ فيخرج عن التعريف وطء المخالف الذي لم يعتقد الحل في الظاهر وإن ظن الإباحة في نفس الأمر، فإنه معلوم الحرمة، فلا يصدق عليه حد الوطء بالشبهة، بل بذلك يظهر انطباق التعريف المذكور على المدعى وأنه لا يصلح الاستناد إليه في تحقق الشبهة بمجرد الاحتمال، بل بمثله يتبين عدم صحة الاستشهاد بما دل على سقوط الحد مع الشبهة والجهل بالحكم، فإنه إنما يصح لو أريد منها انتفاء العلم القطعي بالحكم الواقعي، وهو ممنوع بل الظاهر خلافه، لعدم صدق الشبهة والجهالة مع العلم بتحريم النكاح شرعا، وخصوصا مع جعلهما عذرا يدرأ به الحد.
وأما حديث الخنثى فإنما يصح التأييد به لو كان اسقاط الحد عن زوجها لتجويزه كونها أنثى، وهو ممنوع إذا الظاهر أنه كان يعتقد أنه امرأة نظرا إلى ظاهر الحال، حيث كان الغالب عليها مشابهة النساء دون الرجال كما يستفاد من ظاهر الرواية وتقتضيه القرائن الحالية، فإن الاقدام على تزويجها مع كون الغالب عليها مشابهة الرجال بعيد الوقوع في العادة.