بعدمه، ضرورة معلومية كون الأولى خلافه من سائر النساء والرجال، فضلا عن سيدة النساء وجابر، بل في حديث آخر (1) " أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: خير النساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال، فقال صلى الله عليه وآله: فاطمة مني ".
وكثرة السؤال عن الشعر والذراع لملازمتهما النظر إلى الوجه والكف غالبا فاكتفى بالنهي عنهما عن حكمهما، على أنه إشعار لا يعارض ما سمعت من الأدلة، والسيرة والطريقة معارضة بمثلها من المتدينات والمتدينين في جميع الأعصار والأمصار، بل لعل التطلع إلى وجوه النساء المستترات من المنكرات في دين الاسلام.
والعسر والحرج في مثل الأعراب الذين لا ينتهون إذا نهوا مرتفع بعدم وجوب الغض عنهم، وعدم البأس مع اتفاق وقوع النظر عليهم، فلا ريب في أن ترك النظر أحوط وأقوى.
وأما ما ذكره المصنف من جوازه (على كراهية مرة) واحدة (و) حينئذ ف (لا يجوز معاودة النظر) في مجلس واحد، بل ولا إطالته فهو أضعف قول في المسألة، وإن قيل: إنه وجه جمع بين ما دل على الجواز وما دل على عدمه، بشهادة النبوي (2) " لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك والثانية عليك، والثالثة فيها الهلاك " وعن العيون روايته (3) بدل " فإن " إلى آخره " فليس لك يا علي إلا أول نظرة " وخبر الكاهلي (4) عن الصادق عليه السلام " النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة " مؤيدا ذلك بما في تكرار النظر أو إطالته من خوف الفتنة بخلاف النظرة الأولى الصادرة عن غير شهوة.