لبيان أن التوبة علاج له، وما في رواية ابن أبي يعفور (ويعرف باجتناب الكبائر) لا ينافي ذلك، لأن المراد بالكبائر هنا قطعا غير ذلك المعنى، لوصفه الكبائر فيها بالتي أوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك من المعاصي، وهو الأكبر، وليس قولنا إن المعاصي كلها كبائر يوجب حمل هذا اللفظ على ذلك ولو مع القرينة الصارفة، كما أن جعل الوصف موضحا ليس بأولى من جعله مخصصا، وعود النزاع لفظيا على هذا التقدير نلتزمه إن كانت ثمرته منحصرة في ذلك، مع أن الظاهر عدم الانحصار.
بل قد يقال: إن أهل هذا القول لا ينافيهم القول بالتكفير، لأن المراد بكون الكل كبائر عندهم من جهة القبح واستحقاق العقاب، خلافا للمعتزلة، فإنه يظهر من المنقول عنهم أنه لا يحسن المؤاخذة على الصغائر مع اجتناب الكبائر، ويرشد إلى هذا قوله في مجمع البيان في العبارة السابقة: (إن المعاصي كلها كبائر) من حيث القبح، بل وقوله: (وإنما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر، ويستحق العقاب عليها أكثر) بل وقوله أيضا بعد عبارته السابقة: (وهذان القولان متقاربان) مشيرا به إلى قول متقدم على القول الذي نسبه إلى أصحابنا هو أن الكبيرة كلما أوعد الله عز اسمه عليه في الآخرة عقابا، أو أوجب فيه في الدنيا حدا، إذ لا يكونان متقاربين إلا مع إرادة استحقاق العقاب، لأن الله قد أوعد على المعاصي كلها النار، قال عز من قائل (1): (ومن يعص الله ورسوله) إلى آخره، فتأمل.
وإن أبيت ذلك كله فقد يستدل لهم ببعض الأخبار، نحو ما دل (2) على أن