في بعضها (1) بالأمر بالانصات، بل ربما يظهر من سبر أخبار المقام معروفية ذلك قديما بين الشيعة حتى أنهم كانوا يكتفون في بيان كون الإمام مرضيا وغير مرضي بالقراءة خلفه وعدمها.
ولا معارض له سوى إشعار لفظ الاجزاء في موثق سماعة (2) (سألته عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول، قال: إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه) وهو مع إضماره وعدم استفادة تمام المدعى منه بل ولا الصورة المهمة منه كما ترى ضعيف جدا، إذ أقصاه أنه أقل فردي المجزي، ولعله في مقابلة سماع الصوت وفقه قوله، لا لجواز القراءة منه.
وسوى دعوى معلومية ندبية الانصات المأمور به في نفسه بالاجماع والسيرة وغيرها، بل وفي خصوص المقام بالأصل والسيرة، وما عساه يظهر من الاجماع من التنقيح حيث نسب استحبابه إلى من عدا ابن حمزة من الأصحاب، فالتعليل به حينئذ في صحيح ابن الحجاج (3) عن الصادق (عليه السلام) (وأما الصلاة التي يجهر فيها فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه، فإن سمعت فأنصت، وإن لم تسمع فاقرأ) الحديث، بل وصحيح زرارة (4) عن الباقر (عليه السلام) (وإن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الأولتين وأنصت لقراءته، ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين، فإن الله عز وجل يقول للمؤمنين: وإذا قرئ القرآن - يعني في الفريضة خلف إمام - فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) والحسن كالصحيح (5) عن أحدهما (عليهما السلام) (إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك) يومي إلى إرادة عدم الحرمة من النهي عن القراءة.