المقاصير المخصوصة، لكن ومع ذلك كله فالانصاف بناء المسألة على اعتبار ما شك في اعتباره في الجماعة وعدمه، ولو لاطلاق الأدلة، كقوله تعالى (1): (اركعوا مع الراكعين) وغيره، ضرورة كون ما نحن فيه منه، إذ لو سلم أن الصحيح لا دلالة فيه على المنع منه إلا أن ذلك بمجرده لا يصلح مقتضيا للجواز، وكأنه هو منشأ القائلين بالصحة معه، أو البناء على الثاني كما هو المفهوم من استدلال جملة من الأصحاب حتى الشيخ بل ظاهر إرسالهم له إرسال المسلمات أنه لا كلام فيه، بل قد يظهر من بعض عبارات الشيخ الاجماع عليه.
إلا أن الأول لا يخلو من قوة، إذ ليس في شئ من الأدلة ما سيق لبيان حصول الجماعة بما يشمل الفرض، بل هي بين مساق لبيان فضلها وبين مساق لبيان انعقادها من غير هذه الجهة، وغير ذلك حتى الآية منها التي خوطب فيها بنو إسرائيل بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والركوع مع المسلمين الراكعين لو سلم إرادة الجماعة منها، وإلا فمن المحتمل إرادة الخضوع والخشوع من الركوع فيها، أو الصلاة على معنى دخولهم معهم وصيرورتهم مثلهم في أداء الصلاة معبرا بالركوع عنها، لأنه أول أركانها المميزة لها عن غيرها، وكررها اهتماما بشأنها، وإظهارا لإرادة ذات الركوع من الصلاة التي أمروا بإقامتها لا صلاة اليهود الخالية عن ذلك ما قيل، أو لأن المراد منها صلاة الجمعة الواجب فيها الاجتماع كما هو مقتضى حقيقة الأمر بالركوع معهم، أو مطلق الجماعة، وعلى كل حال فلم تسق لبيان حصول الجماعة وانعقاد الصلاة بمجرد صدق اسم الركوع معهم.
على أنه قد يمنع تحقق المعية مع الحائل ولو شباكا، فدعوى حصول الجماعة وثبوت أحكامها المخالفة للأصل من سقوط القراءة ووجوب المتابعة ونحوهما بمثل ذلك كما ترى، ومن هنا كان الاحتياط حينئذ بما ذكره الشيخ لا ينبغي تركه، بل تردد فيه