لكن ينبغي أن يعلم أن الحكم باستحباب العدول مبني ظاهرا على القول باستحباب تقديم الفائتة، أما على العكس أو التخيير فالمتجه العدم، اللهم إلا أن يفرق بين الذكر في الابتداء والأثناء، إلا أنه يستلزم القدح في الأولوية المزبورة بحيث يمكن القول بوجوب العدول للصحيح والاجماع المحكي وإن قلنا بالمواسعة مع الذكر في الابتداء نحو ما سمعته على التقديرين، فلا تكون المواسعة للعدول حينئذ منافية، كما أن المضايقة ليست بمقتضية وإن كنا لم نعثر على قائل به من الأصحاب، كما أنا لم نعثر على من نسب إلى الصدوقين وغيرهما عدم جواز العدول، بل في المنتهى لا نعلم خلافا بين أصحابنا في جواز العدول وإن نسب غير واحد هناك إلى ظاهرهما وجوب تقديم الحاضرة، وكأنه شاهد لما قلناه هناك من إرادتهما الاستحباب، للاجماع محصلا ومنقولا على جواز تقديم الفائتة، أو للفرق بين الابتداء والأثناء، فيجب تقديم الحاضرة لو كان الذكر ابتداء، ويجوز العدول منها إلى الفائتة لو كان في الأثناء للصحيح، لكن الثاني كما ترى، وإن كان لا يمنع العقل إيجاب مثل ذلك من الشارع فضلا عن جوازه، إلا أنه لا يثبت مثله بمثل هذا الدليل كما هو واضح، وكيف وقضية إيجابه تقديم الحاضرة إيجاب العدول من الفائتة إليها بناء على ما يظهر من الأصحاب من أن منشأ هذا العدول الترتيب، كما أن قضية استحباب تقديم الحاضرة أو جوازه تخييرا استحباب العدول أيضا من الحاضرة إلى الفائتة كذلك، بل وقضية استحباب تقديم الفائتة الذي حكموا من جهته باستحباب العدول جوازه من الحاضرة إلى الفائتة (1) وإن كان مستلزما لفوات الاستحباب، مع أنه لم يذكر أحد من الأصحاب شيئا من ذلك، بل ولا غيره مما يقتضي النقل من الفائتة إلى الحاضرة، نعم نص في البيان والذكرى والمفاتيح وعن كشف اللثام عليه لضيق الوقت، مع أنه عن المدارك منعه أيضا، لعدم ورود التعبد به، وهو جيد بعد
(١٠٧)