قال محمد بن إسحاق كان رسول الله صلى الله عليه وآله لما استشار أبا بكر وعمر وسعد بن معاذ في أمر الأسارى غلظ عليهم عمر غلظة شديدة فقال يا رسول الله أطعني فيما أشير به عليك فان لا آلوك نصحا قدم عمك العباس فاضرب عنقه بيدك وقدم عقيلا إلى أخيه على " ع " يضرب عنقه وقدم كل أسير منهم إلى أقرب الناس إليه يقتله قال فكره رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك ولم يعجبه ولما فدى العباس نفسه رجع إلى مكة ولم يزل فيها فلما كان الفتح استقبل النبي صلى الله عليه وآله بالأبواء - وهو بفتح الهمزة وسكون الباء الموحدة والمدة - موضع بين مكة والمدينة وكان معه يوم فتح مكة وأظهر اسلامه يومئذ وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله حنينا والطائف وتبوك وكان يوم حنين آخذا بركاب رسول الله وهو على بغلته البيضاء الدلدل وقد انطلق الناس إلا نفرا من أهل بيته فقال رسول الله حين رأى من الناس ما رأى وانهم لا يلوون على شئ يا عباس أصرخ يا معشر الأنصار أصحاب العمرة يعنى الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان يوم الحديبية ان لا يفروا عنه قال العباس فناديت فاقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها.
وروى الشيخ أبو محمد الديلمي في كتابه (ارشاد القلوب) ان النبي صلى الله عليه وآله كان جالسا في مسجده وحوله جماعة من الصحابة إذ دخل عليه عمه العباس وكان رجلا صبيحا حسنا حلو الشمائل فلما رآه النبي صلى الله عليه وآله قام إليه واستقبله وقبل بين عينيه ورحب به وأجلسه إلى جانبه وجعل يفديه بأبيه وأمه فأنشده العباس قوله فيه يمدحه صلى الله عليه وآله.
من قبلها طبت في الظلال وفى * مستودع حيث يخصف الورق ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السفين وقد * الجم نسرا وأهله الغرق وخضت نار الخليل مكتتما * نجول فيها وليس تحترق