ينص على أمير المؤمنين " ع "، قالوا لأنه لو نص عليه لم يدعه العباس إلى البيعة لأن المنصوص عليه لا يفتقر في إمامته وكمالها إلى البيعة فلما دعاه العباس إلى عقد إمامته من حيث تعقد الإمامة التي تكون بالاختيار دل على بطلان النص.
أجاب أصحابنا رض بأنه: ان كان دعاء العباس أمير المؤمنين إلى البيعة يدل على ما زعمتم من بطلان النص وثبوت الإمامة بالاختيار فيجب ان يكون دعاء النبي صلى الله عليه وآله إلى بيعته ليلة العقبة ودعاء المسلمين من المهاجرين والأنصار تحت شجرة الرضوان دليلا على أن نبوته إنما تثبت له من جهة الإختيار وانه لو كان ثابت الطاعة من قبل الله تعالى وارساله وكان المعجز دليل نبوته لا مستغنى عن البيعة تارة بعد أخرى، فان قلتم بذلك خرجتم عن المسلة وان أبيتموه نقضتم العلة، فإن قالوا ابن بيعة الناس لرسول الله صلى الله عليه وآله لم تكن لإثبات النبوة وانما كانت للعهد في نصرته بعد معرفة حقه وصدقه فيما أتى به الله عز وجل من رسالته.
قيل لهم كذلك كان دعاء العباس أمير المؤمنين إلى بسط اليد للبيعة فإنما كان بعد ثبوت إمامته لتجديد العهد في نصرته والحرب لمخالفيه وأهل مضادته ولم يحتج " ع " إليها في اثبات إمامته، ويدل على ما ذكرناه قول العباس:
يقول الناس عم رسول الله بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان فعلق الاتفاق بوقوع البيعة ولم يكن ليعلقه به الا وهي بيعة الحرب التي ترعب عندها الأعداء ويحذرون من الخلاف ولو كانت بيعة الاختيار من جهة الشورى والاجتهاد لما منع ذلك من الاختلاف بل كانت نفسها الطريق إلى تشتت الرأي وتعلق كل قبيل باجتهاده واختياره أو لا ترى إلى جواب أمير المؤمنين " ع " بقوله يا عم ان لي برسول الله صلى الله عليه وآله شغلا عن ذلك، ولو كانت بيعة عقد الإمامة لما شغله عنها شاغل ولا كانت قاطعة له عن مراده في القيام برسول الله أو لا ترى