وأهل النفاق ومعدن الشقاق فقال يا معاوية هم الذين أشرقوك بالريق وحبسوك في المضيق وذادوك عن سنن الطريق حتى لذت منهم بالمصاحف ودعوت إليها من صدق بها وكذبت وأمن بمنزلها وكفرت وعرف من تأويلها وأنكرت فغضب معاوية وأدار طرفه فيمن حوله فإذا جلهم من مضر ونفر قليل من اليمن فقال أيها الشقي الخائن إني لأخال هذا اخر كلام تفوه به وكان عفيرة بن سيف بن ذي يزن بباب معاوية حينئذ فعرف موقف الطائي ومراد معاوية فخافه عليه فهجم الدار وأقبل على اليمامة وقال شاهت الوجوه ذلا وقلا وجدعا وفلا كنتم الله هذا الانف كشما موعبا ثم التفت إلى معاوية فقال والله يا معاوية ما أقول هذا حبا لأهل العراق ولا جنوحا إليهم ولكن الحفيظة تذهب الغضب لقد رأيتك بالأمس خاطبت أبا ربيعة يعنى صعصعة بن صوحان وهو أعظم جرما عندك من هذا وأنكى لقلبك وأقدح في صفاتك وأجد في عداوتك وأشد استبصارا في حربك ثم أتيته وسرحته وأنت الآن مجمع على قتل هذا زعمت استصعارا لجماعتنا كانا لا نمر ولا نحلي ولعمري لو وكلتك أبناء قحطان إلى قومك لكان جدك العاثر وذكرك الداثر وحدك المفلول وعرشك المثلول فاربع على ظلعك واطونا على بلالتنا ليسهل لك حزننا ويتطامن لك شاذنا فإنا لا نرام بواقع الضيم ولا نتلمظ جزع الخسف ولا نغمر بغمار الفتنة ولا ندر على الغضب فقال معاوية الغضب شيطان فاربع عليك أيها الإنسان فإنا لم نأت إلى صاحبك مكروها ولم يرتكب منه مغمضا ولم ننتهك منه محرما فدونك فإنه لم يضق عنه حلمنا ويسع غيره فاخذ عفيرة بيد الوليد وخرج به إلى منزله وقال والله لتؤبن بأكثر مما آب به معدى من معاوية وجمع من بدمشق من اليمانية ففرض على كل رجل دينارا في عطائه فبلغت أربعين ألفا فتعجلها من بيت المال ودفعها إلى الوليد ورده إلى العراق.
(أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان) ابن عبيد بن تغلبة بن عبيد بن الأبجر الخدري صحابي وابن صحابي.