إلى قوله لما ألح عليه يا عم ان رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلى وأوصاني ان لا أجرد سيفا بعده، فدل ذلك أيضا على أن البيعة انما دعا إليها للنصرة والحرب وانه لا تعلق لثبوت الإمامة بها وان الاختيار ليس منها في قبيل ولا دبير على ما وصفناه.
وروى أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله واشتغل على " ع " بغسله ودفنه وبويع أبو بكر خلا الزبير وأبو سفيان وجماعة من المهاجرين بعلي " ع " والعباس لإجالة الرأي وتكلموا بكلام يقتضى الاستنهاض والتهيج فقال العباس : قد سمعنا قولكم فلا لقلة نستعين بكم ولا لظنة نترك آرائكم فأمهلونا نراجع الفكر فإن يكن لنا من الأمر، ثم مخرج يصر بنا وبهم الحق صرير الحديد ونبسط إلى المجد كفا لا نقبضها أو نبلغ المدى وان تكن الأخرى فلا لقلة العدد ولا لوهن في الأيد والله لولا أن الإسلام قيد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحل العلى فحل على " ع " حبوته فقال: الصبر حلم والتقوى دين والحجة محمد والطريق الصراط، أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح، ماء آجن ولقمة يغض بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت ايناعها، كالزارع بغير أرضه، فان أقل يقولوا حرص على الملك وان سكت يقولوا جزع من الموت، هيهات بعد اللتيا واللتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة ثم نهض ودخل منزله وتفرق القوم.
وروى الزبير بن بكار في (الموفقيات) قال: لما ازدحم الناس على أبى بكر فبايعوه مر أبو سفيان بن حرب بالبيت الذي فيه علي بن أبي طالب " ع " وأنشده أبياتا.